الجمعة، 9 نوفمبر 2018

تغطية الندوة (2) المحور الثاني: علماء الدين والفاعلية الاجتماعية



أبو محمد – تغطية "خاصة" 9 نوفمبر 2018

في تغطيتنا للجلسة الحوارية التي اقامتها حسينية الناصر بمنطقة سيهات-السعودية بتاريخ ٥ نوفمبر ٢٠١٨ جمعت بين الشيخ احمد السلمان و د. سيد عدنان الشخص وادار الحوار أ. عبدالله الداوود للحديث حول "دور العلماء ومنهج البحث العلمي المعاصر" نضع تغطية المحور الثاني بعنوان "علماء الدين والفاعلية الاجتماعية".

الدكتور سيد عدنان الشخص

المنطقة تاريخيا ترجع إلى مدرسة النجف وهذه المدرسة لها توجه معين في طريقة ادارة المجتمع خلاف المدرسة الإيرانية التي تأثرت بها المدرسة اللبنانية، مدرسة النجف لا ترى الانشغال في القضايا المجتمعية العامة وإنما تحصر اهتمامها في القضايا المجتمعية الخاصة والصغيرة فحتى موضوع ولاية الفقيه هي ولاية خاصة محدودة وحسبية فقط وهناك توجيه عام باطني وليس ظاهر هو على الشيعة ان لا ينشغلوا في الوظائف العامة المتصلة بالحكومات والدولة وان يركزوا بالأعمال الخاصة والسوق.

اما المدرسة الإيرانية واللبنانية تجد عالم الدين أكثر قربا للمجتمع وأكثر تصالحا مع البيئة المحيطة فمثلا في لبنان يأتي قس مسيحي ويلقي خطبة عن الحسين ويذهب عالم الدين الى الكنيسة ويلقي خطبة عن مريم والمسيح، البيئة الإيرانية رجل الدين متصل بكل شئون المجتمع من الطبيب وقضايا التجارة وقضايا أخرى مفصلة، لذا يجب أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار بوجود مدرستين للانطلاق في حديث عن دور رجال الدين.
المدرسة النجفية مثلا في ثورة العشرين اول جمهورية في العالم العربي كانت في النجف الاشرف ١٩١٥ ومن أقامها ليس كبار المراجع بل من نسميهم الشباب من العلماء مثل الشيخ الحبوبي والسيد محسن الحكيم والسيد مهدي الشيرازي فمثلا عندما هجم الإنجليز على البصرة باعتبار وجود أجنبي غازي وكافر من تصدى لهم ليس كبار المراجع بل السيد محمد تقي الشيرازي ولم يكن المرجع الاعلى في ذلك الوقت، هذه تعطيك فكرة عن الذهنية السائدة في ذلك الوقت وبدأت في التغيير قبل تقريبا الاربعين سنة الأخيرة وانه يجب التصدي للقضايا العامة.

المدرسة الإيرانية أكثر قربا الى القضايا المجتمعية العامة وكذلك المدرسة اللبنانية مثل الشيخ عبدالحسين الصادق في النبطية كان يقيم الحد ومعظم فقهائنا لديهم ان الحد لا يقام الا بظهور الامام الغائب ولكنه يرى أن إقامته أمر ضروري وهو قادر على ذلك، السيد عبدالحسين شرف الدين توجه للتصدي للغزو الفرنسي، السيد محسن الأمين توجه إلى التعاطي في الوضع في سوريا في ذلك الوقت مع الحكم.

التوجه وبناء العلاقة مع الشأن العام في هذه البيئات اوضح مما في بيئتنا وفي منطقتنا نحن نتبع المدرسة النجفية أكثر مما هي تابعة للمدرسة الإيرانية او اللبنانية.

لذلك قبل القاء اللوم على بعض علمائنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار التراث فهو لم يأتي من فراغ الوضع الحوزوي عمره ألف سنة فهو يتصور لو انه غير الكتاب كانه تغير المنهج بينما هي عملية استبدال كتاب بكتاب آخر أكثر حداثة ولغته اوضح وأعمق وأكثر فائدة للطالب والمتلقي.

الشيخ أحمد السلمان

قراءة التاريخ مهم جدا لفهم الحاضر والمستقبل، رجال الدين تميزوا وتركوا بصمات خاصة بالإنتاج الذي قدموه اهم عنصر موجود في شخصيتهم هو عنصر المواكبة، ان رجل الدين يواكب الواقع فلما يتحدث في اي موقع يكون حديثة مواكبا الواقع، مثلا السيد عبدالحسين شرف الدين لماذا تميز في قضية المراجعات؟ في تلك الفترة قضية الحوار والتقارب السني الشيعي كانت في أوجها وشخص بثقله العلمي تصدى لهذه المسألة في أولها وأنتج هذا النتاج المتمثل في كتاب المراجعات والكتب الأخرى، ومثل آخر الشهيد الصدر المطالب التي ذكرها موجودة في الكتب سواء في مناقشة الماركسيين وغيرهم قوته انه واكب وأنتج إنتاج كانت الساحة فعلا محتاجة اليه فكتبه الى ما بعد ٢٥ سنة لم يصدر كتاب مماثل لها يعني سبق عصره بأكثر من ربع قرن، اهم شيء يميز عالم الدين هي قضية المواكبة.

المشكلة التي نعيشها الان ان عملية المواكبة صعبة لأننا نعيش في عصر انفجار المعلومات وضع أنه في اللحظة الواحدة عشرات الآلاف من المعلومات تضخ في نفس الوقت وفي نفس الوقت هناك أفكار وعادات جديدة، نفس عملية المواكبة ان الانسان يكون متابع ما الذي يجري ويدور وليس كل شخص يستطيع المواكبة وأننا في هذا الزمن نحتاج مؤسسات فقط شغلها رصد المتغيرات. فأي عالم لا يكون مواكب نتاجه لم يكون مفيدا للمجتمع.

اللوم ايضا يقع على المجتمع لماذا، إذا المجتمع طالب عالم الدين بأشياء خارجه عن هذا العنوان مثلا تريد من العالم كل فاتحة وزواج وعزيمة حاضر وتطلب منه حل قضايا الزواج والطلاق الميراث والصلاة وغيرها فطبيعي من ينشغل بهذه الأمور لا يمكن أن يواكب او ينتج.

حوزة النجف نظرتها ان الانسان إذا تشعب في اطلاعه وانشغالاته لم يبدع خاصة في الجانب الذي أبدعت فيه حوزة النجف وهو الفقه والأصول والتحقيق وتقسيم القضايا الفقيه والاصولية تحتاج لتفرغ تمام، مثلا والد العلامة المجلسي تفرغ لبحث راوي واحد وهو أبو عمير ٤٠ سنة، شخصية الان في النجف هو السيد محمد مهدي الخرساي لديه موسوعة اسمها موسوعة عبدالله بن عباس سألته كم جلست تبحث وتكتب فقال ٥٠ سنة! والحوزة النجفية هذه نظرتها تحث طالب العلم وتوجهه ان لا ينشغل بالرأي العام والتركيز على البحث العلمي.

الان هذا التوجه الاكاديمي ثمرات ايجابياته قضية التخصص وهذا أمر مهم جدا فداخل كل تخصص مثلا اللغة العربية هناك تخصص في النحو وداخل النحو هناك تخصص عوامل وحروف المعاني، الحوزة بسبب هذا التكامل بين الأكاديمي والحوزوي تميل إلى هذا الجانب وهو إخراج طلاب متخصصين، مثلا في قم لدينا مدرسة خاصة بعلم الكلام مثل مدرسة الامام جعفر الصادق (ع) والتي يشرف عليها الشيخ جعفر السبحاني وعندنا جامعات وكليات خاصة بالفلسفة والحكمة مثل المدرسة التي يشرف عليها الشيخ مصباح اليزدي والدكتور أيمن المصري، فكرة التخصص تدخل بقوة وحتى المنبر الحسيني في المنطقة دخله التخصص فهناك منبر وخطيب معروف عنه ان هذا المنبر متخصص في الجانب الفقهي وذاك في الجانب الفكري وهذا في الجانب الفلسفي.

قضية التداخل مشكلة قديمة وانا وجهة نظري ارى ان هذا التكامل بين المسارين الحوزوي والأكاديمي سوف تنتج لنا ثقافة التخصص والتي ستكون أكثر نفعا للمجتمع.

قضية علم الكلام الجديد هي شاهد عما ذكرناه في البداية وهو ان هناك مسار في الحوزة يدعو إلى التبليغ والتجديد ويدعو إلى المواكبة وعبرنا عنه بالتكامل بين المسارين وهناك مسار البقاء على ما أسست عليه الحوزة ما هو علم الكلام الجديد؟ هذا المصطلح عمره ١٢٠ سنة تحديدا وظهر في بدايات القرن العشرين وعندنا علم الكلام القديم والذي يعبر عنه علم أصول الدين ويتحدث عن أصول الدين بالمنطق والفلسفة والآيات والرواية وثم تشعبت الشبهات وطرقت أبواب لم تطرق من قبل واستعملت فيها أدوات لم تستعمل من قبل لذلك جعل ونحت له هذا الاسم وهو علم الكلام الجديد، هو لا يختص بأصول الدين فقط بل يبحث كل العقائد بل يبحث الأمور غير العقائدية وحتى الأحكام الفقهية مثل الجزية والرده وهي قضايا فقهية ولكن أصبحت تحت مظلة الأشكال الديني وهناك من يناقش حول وجود الله فيناقشك علميا مثلا يأتي إليك بنظرية الانفجار العظيم ويبين لك عدم الحاجة لوجود الله وهناك من يأتي بقضية دارون ونظريته النشوء والارتقاء والتطور ليفسر وجود الانسان دون الحاجة لنظرية الخلق، فالعلماء جعلوا هذا العلم الذي يبحث كل هذه الأمور ويستعمل الأدوات المتاحة للجواب على هذه الإشكالات فهو علم فيه ما في علم الكلام القديم وزيادة.

البعض حصل عنده إشكال وهو على اي اساس نحن في مدرسة دينية ونبحث في قضية دارون والتي هي قضية من علم الاحياء، فهذا العلم له من تلقاه بالقبول ويدرسه الان وكثير من الحوزات تدرس علم الكلام الجديد وله من رفضه وقالوا ان علم الكلام القديم يكفي وهذا السجال موجود وانعكس على الثمار فلدينا مجلات تهتم بهذا الجانب وللأسف لا تجد الشهرة وهناك من الشباب من يسأل لماذا العلماء لم يتعرضوا لهذه القضية ولماذا عندما نقرأ الكتب لا توجد الا القضايا القديمة؟ والجواب لا تعرض العلماء لهذه القضايا ومن حسنات التطور التكنولوجي أن هناك مجلات ونشرات تظهر بعضهم كل ٣ أشهر بعضها كل ٦ اشهر هذه المجلات هي التي فيها آخر ما وصلت له الحوزات فبعضها فقهية وبعضها أصولية وبعضها كلامية او فكرية والشاب اذا اراد مواكبة الحركة العلمية في الحوزة يتابع هذه النشرات والمجلات وللأسف لم تأخذ هذه النشرات والمجلات حظها من المتابعة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...