العلمانية ...
في أثنى عشر نقطة
بقلم أبومحمد 25 يوليو 2018
مصطلح العلمانية مصطلح بدء في الظهور في البلاد العربية بعد سقوط الدولة
العثمانية وانتهاء نظام الخلافة وقدوم الاستعمار الأجنبي وعن طريق الدارسين في
الغرب المتأثرين بالثقافة الغربية وترجع جذورها الى القرن الخامس عشر وحركة
الإصلاح التي نادى بها الألماني مارتن لوثر (1483 – 1546) حيث قدم رسالة من 95
نقطة إصلاحية للكنيسة الكاثوليكية تتركز خاصة في مسائل السيطرة الدينية والفساد
المالي وتحريف الكنيسة لما جاء في الاناجيل الأربعة ومنها انبثقت الديانة
البروتستانتية وبعدها جاء الكثيرون من الإصلاحيين الذين نادوا بإصلاح وتقليص سيطرة
الكنيسة وتم تدعيم هذا التوجه دينيا بما جاء في الانجيل " أعطوا اذا ما لقيصر
لقيصر، وما لله لله" وبعدها جاءت الثورة الفرنسية (1789 - 1799) والتي طالبت
بإلغاء امتيازات وسيطرة الكنيسة والنبلاء ومنها جاءت المطالبة بفصل المؤسسة
الدينية عن نظام الحكم بشكل كامل هذه صورة موجزة للجذور التاريخية ويمكن الحديث عن
العلمانية في عده نقاط كما يلي:
أولا: اختلاف تعريف العلمانية: هناك اختلاف معجمي ومفهومي لمصطلح العلمانية فالمعجمي هناك العلمانية بكسر
العين وتعني العلم او العلمانية بفتح العين وتعني العالم، وأول من نحت وصاغ مصطلح
"العلمانية" عام 1851 جورج هوليوك (1906- 1817) واراد بها "حركة
اجتماعية تتجه نحو الاهتمام بالشؤون الأرضية بدلا من الاهتمام بالشئون
الآخروية". كتاب موسوعة الرد على المذاهب الفكرية المعاصرة، ج 12: ص207، إذا
تعريف "فصل الدين عن الدولة" حسب هوليوك مرجعيتة التاريخية تعود الى أوروبا
في القرن الــ19 ميلادي.
وهنا ندرج تعاريف مصطلح العلمانية للمؤيدين والمعارضين:
المؤيدون
محمد أركون "العلمنة كما نفهمها تتركز في مجابهة السلطات الدينية التي
تخنق حرية التفكير في الإنسان ووسائل تحقيق هذه الحرية" كتاب تاريخية الفكر
العربي الاسلامي، ص 294
عزيز عظمه " هي جملة من التحولات التاريخية السياسية والاجتماعية
والثقافية والفكرية والأيديولوجية، وأنها تندرج في أطر أوسع من تضاد الدين
والدنيا" كتاب العلمانية من منظور مختلف، كتاب في جريدة، عدد121.
المعارضين:
محمد عمارة " هي عزل السماء عن الأرض، وتحرير العالم والانسان
والاجتماع الإنساني من التدبير الإلهي ومن حاكمية السماء، بدعوى ان العالم مكتف
بذاته وان الانسان هو سيد هذا الكون، يدير حياته بالعقل والتجربة دونما حاجة الى
رعاية" كتاب الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية، ص7.
عبدالوهاب المسيري قسمها الى "علمانية جزئية وشاملة" (العلمانية
الجزئية) هي:" هي رؤية جزئية للواقع (إجرائية) لا تتعامل مع ابعاده الكلية
والنهائية (المعرفية) ومن ثم لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية الى وجوب فصل
الدين عن عالم السياسة وربما الاقتصاد وهو ما يعبر عنه (فصل الدين عن الدولة"
(العلمانية الشاملة) هي: "رؤية شاملة للعالم ذات بعد معرفي (كلي ونهائي)
تحاول بصرامة تحديد علاقة الدين والمطلقات والميتافيزيقية بكل مجالات الحياة، وهي
رؤية مادية، تدور في اطار المرجعية الكامنة والواحدية المادية، التي ترى ان مركز
الكون كامن فيه، غير مفارق او متجاوز له، وان العالم باسره مكون أساسا من مادة
واحده ليست لها أي قداسة ولا تحوي ايه اسرار" كتاب العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة.
إذا هناك اختلاف على المستوى المعجمي والفهمي لمصطلح العلمانية في العالم
العربي والاسلامي لأنها لم تنبع من واقعهم التاريخي والاجتماعي وانما جاء بها
الاستعمار الغربي، وحتى في الغرب هناك اختلاف في المصطلح فمنهم من يذهب انه العلم
واخر انه الرجوع الى الجماهير والغالبية فصل الدين عن الدولة ويتغير التعريف تبعا
للتشكيل الحضاري فهناك الفرنسي (الكاثوليكي) الروسي (الأرثوذكسي) الإنجليزي
والألماني (البروتستانتي) حيث عُر ف المصطلح انطلاقا من التشكيل الحضاري لكل تجربة.
ثانيا: مبادئ العدالة والمساواة في العلمانية: الغرب عاش ارهاصات كبيرة وحروب وازهاق لملايين الدماء لكي يصل لهذه
(المبادئ) فمند القرن الــ5 الى الــ15 ميلادي الحروب الدينية في القرون الوسطى ومحاكم
التفتيش الكنيسية الى حروب الثلاثين عام ( 1618 - 1648 ) بين الكاثوليك والبروتستانت
والتي راح ضحيتها 40% من شعوب اروبا ونصف ألمانيا وراح ضحيتها ملايين من البشر كلها
باسم المسيح وصولا الى الحروب الصليبية أواخر القرن الـــ11 حتى الثلث الأخير من القرن الـــ13 )1096 - 1291(، العلمانية جاءت بعد حروب
وصراعات وثورات عبر العقل لتقول ان (العدالة والقوانين تصون الحقوق) وهذا الذي
انتهى له "العقل الغربي" بعد تجارب وحروب؛ وهنا يطرح تساءل وهو أليس
الإسلام ذكره مند البداية قبل 1400 عام (الله الله في نظم امركم؛ ان الله يأمر
بالعدل والإحسان ) اذاً العقل البشري اخر ما وصل له هو اول ما وصلت له الأديان السماوية أليس كذلك؟
ثالثا: العلمانية ثابته او متغيرة ومتطورة: في البداية وفي مراحل العلمانية الأولى كانت منحصرة فنياً في السياسة
والاقتصاد وكانت بقية المجالات محكومة بالقيم المسيحية وهذه هي العلمانية الجزئية
المرتبطة بالمراحل الأولى لتطور العلمانية الغربية، ولكنها بمرور الزمن ومِن خلال
تحقق المتتالية للنموذج العلماني تراجعت وهمشت؛ إذ تَصاعدت معدلات العلمنة كالأخطبوط
في بقية المفاصل الأخرى، بحيث تَجاوزت مجالات الاقتصاد والسياسة والأيديولوجيا،
وأصبحت العلمنة ظاهرة اجتماعية كاسحة، يتجاوز عملية فصل الدين عن الدولة، وعملية
التنظيم الاجتماعي، فلم يعد هناك شيء عام مستقل عن الشي الخاص، فالدولة العلمانية
والمؤسسات التربوية والترفيهية والإعلامية وصلت إلى وِجدان الإنسان ووجهت سلوكه
وعلاقاته بأعضاء اسرته ومجتمعه وقضت على ما تبقى من اعراف مسيحية، ولهذا العلمانية
نظام غير ثابت لذلك هي عرضه لهزات وعواصف.
رابعاً: العلمانية المتتالية: كما ذكرنا العلمانية غير ثابته بل متطورة من خلال التاريخ وتتحول من
الجزئية الى الشاملة كما عبر عنها المفكر د.
عبدالوهاب المسيري، في كل مناحي الحياة مثلما تطورت بعض الدول من فاشية ونازية الى
امبريالية، فطبيعة تركيبة الانسان في هذه الدول مادي بحت فحتى الدول المعتدلة مثل
(النرويج) مثلا وهي ملكية دستورية يعتبر دستورها من اقدم الدساتير ويعود للقرن
الــ18 عشر ميلادي ويعتبر من افضل الدساتير الليبرالية حتى العام 2012 وبفضل
التطور في العلمانية جاءت المطالبة بفصل الدين عن الدولة بشكل كلي وتغيير المادة رقم (2) في دستوره والتي تعلن ان
دين الدولة مسيحي بروتستانتي وبفعل تغلل العلمانية في كل مفاصل الحياة اقترحت
الحكومة النرويجية في هذا العام 2018 حظر ارتداء النقاب والبرقع في مؤسسات التعليم
وحتى رئيسة وزرائهم "إيرنا سولبيرغ" في تصريحات لقنوات محلية بخصوص رسوم
مجلة "شارلي ايبدو" الفرنسية عن النبي محمد (ص) ذكرت انها حرية
تعبير لتضرب بكل المثل الليبرالية للمتشدقين بها، وكذلك جارتها
(السويد) وهي ملكية دستورية والتي أيضا انحنت نفس المنحى وغيرت مواد الدستور لفصل
الدين عن الدولة العام 2000 هناك مطالبات برلمانية بحظر ارتداء النقاب والحجاب في
الأماكن العامة واخرها منع توفير الطعام الحلال في المدارس التعليمية وربما يعود التأخر
في المتتالية العلمانية في (النرويج، السويد) لأنها دول بروتستانتية إصلاحية مسيحية
ودينية وأيضا لتواجد أحزاب دينية كبيرة مسيحية والتي تعلن ان احد أهدافها مكافحة
العلمانية في مفاصل الحياة وتقديم المعيار الأخلاقي أولا، وبالمناسبة هناك حملة
أوربية على المظاهر الدينية مثل ارتداء النقاب او البرقع او الحجاب او الرموز
الدينية شملت (هولندا،ألمانيا، بلجيكا، سويسرا، الخ) وهناك غرامات مالية كما في
سويسرا تصل الى 10 ألالاف يورو وأيضا محكمة العدل الأوربية اقرت قرار بحظر النقاب او
البرقع في أماكن العمل في سنة 2017م.
وحتى الدول العربية لها نصيب كذلك باعتبارها مستعمرات غربية سابقة ولهيمنة
القرار الغربي عليها مثلا هناك مطالبات برلمانية مغربية للسير على خطى المستعمر
الفرنسي بمنع الحجاب وكذلك في تونس قامت بمنع صوت الاذان في صلاة التراويح في هذا
العام 2018 وكانت تونس أيام الرئيس بورقيبة علمانية شاملة حيث منع تعدد الزوجات
ومنع العاملين من الصيام نهار رمضان بحجة تقليل الإنتاجية ومنع الحجاب وكلها لم
تتغير الا بعد ثورة تونس في 2011 ونحن نتحدث عن اقل من قرن من وصول مصطلح
العلمانية الى الدول العربية والإسلامية!
خامساً: فصل الدين عن الدولة: غالبية الدول العربية هناك فصل للدين عن السياسة، هناك تمايز مؤسسي مند عهد
الإسلام الأول، فالنبي استشار أصحابه في أمور الحرب كما اخذ برأي سلمان المحمدي في
حفر الخندق فثم تمايز بين المؤسسة الدينية وبين والمؤسسة العسكرية، لذا من الممكن
أن تلتقي العلمانية الجزئية مع رأي التمايز في الآليات والإجراءات الفنية فقط في
مثل المؤسسات العسكرية والاقتصادية والدينية.
سادساً: دولة الانسان: العلمانيون يدعون إلى دولة تجعل الميزان للإنسان
لا للدين ولا فرق في اللون او العرق او المذهب الخ،
كل هذا الذي تدعو إليه الدولة العلمانية، أو تدعو إليه لائحة حقوق الإنسان، أليس
القرآن والنبي والامام علي (ع) دعوا الى ذلك وطبق على الأرض. مثلما جاء في القرآن ﴿وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلًا﴾، ومثل عهد الامام علي (ع) الى مالك الاشتر فيقول له: ”وأشعر قلبكَ
الرحمةَ للرعية، والرفق بهم، واللطف إليهم، ولا تكونن عليهم سبعًا ضاريًا يغتنم
أُكُلَهم؛ فإن الناس صنفان: إما أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق“، فالناس
في الإسلام متساويين لهم حقوق متساوية حتى مع الذي يختلف معه في الدين، وقد وضع
كلام الامام علي في لائحة الأمم المتحدة وهو أكبر دلاله على الدعوة للمساواة من
العهد الأول للإسلام.
سابعاً: التمركز حول الانثى: في الغرب العلماني تروج لحركات تحرير المرأة سياسيا (انتخاب، ترشيح) واجتماعيا
(حق الطلاق، حضانة الطفال) او اقتصاديا (مساواة بين الرجل والمرأة) وتتحرك حركات
تحرير المرأة داخل اطار الاسرة ومفهومها
باعتبار ان الام هو عمودها الفقري، وتقوم الالة الإعلامية في الغرب العلماني
بتحويل المرأة كجسد واثارة وليس كمنشئة اسرة ومخرجة أجيال وبناء مجتمع! وهناك محرك
اعلامي سخر لمثل ذلك مثل هوليوود الذي ينتج أفلام عن اغواء النساء للرجال وإظهار ان
المرأة هي جسد أولا واخيراً و هناك صناعة الأزياء ومساحيق التجميل التي اصبحت لها
قنوات ومجالات ونجوم منهم شواذ جنسيا وهذه
الصناعات تتفنن في طمس الهوية الإنسانية والاجتماعية للمرأة وتتركز على اظهار
مفاتن جسدها لتحولها الى سوق ومادة، ومنها أيضا صناعة الإعلانات التي تستخدم
المرأة كجسد لتصعيد الرغبة الاستهلاكية للرجل ليصبح المجتمع متابع لأخبار الفنانات
والراقصات ولتكون اهم العناوين في الصحف وكل ذلك لإعادة انتاج صورة المرأة
باعتبارها جسد مادي وتجاري واقتصادي بحت ونزع القداسة الإنسانية والخصوصية للمرأة.
فمثلا في الغرب الديمقراطي العلماني في بلد كإيطاليا نجحت ممثلة اباحية
بالفوز بمقعد انتخابي في 1987 وبعد ذلك تنظم لحزب الايطاليين الرادكاليين، وفي
أمريكا عام 2003 رشحت ممثلة أفلام اباحية نفسها للفوز بمنصب حاكم كاليفورنيا وفي
عام 2009 رشحت أخرى نفسها للفوز بمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية لوزيانا وذلك أعلنت
نفسها مرشحة جمهورية عام 2010، وفي روسيا عام 2017 أعلنت ممثلة اباحية ترشحها ضد
بوتين ومن أحد اهم بنود برنامجها الانتخابي (محاربة التحرش)!، وفي فرنسا عام 2014
اعلن حزب الجبهة الوطنية ترشيح ممثلة بورنو
في لوائحها، الخ من الدول وانتقلت هذه الظاهرة للبلدان العربية العلمانية
ففي مصر أعلنت راقصة (سما المصري) عن
ترشيح نفسها وفي لبنان أعلنت عارضة أزياء (مريام كلينك) ترشيح نفسها.
ثامناً: العلمانية المادية: في العلمانية يتم التركيز على المادة كأساس للتعامل بين أفراد المجتمع وبين
افراد الاسرة لتصبح نظرة المجتمع نظرة مادية أولية في كل شيء بعيدا عن القيم
الخلقية والدينية ففي مثلا الولايات المتحدة الأمريكية والتي فيها من الكنائس
والإيمان الكثير رأينا جميعا كيف كان التعامل مع الرئيس كلينتون بخصوص فضيحة
مونيكا لوينسكي وحيث كانت معدلات الرخاء الاقتصادي عالية جداً لم يكترث الشعب
الأمريكي بما فعله الرئيس وبقت ظاهرة إعلامية وانتصر الاقتصاد على الجميع فقد حاول
الحزب الجمهوري توظيف تلك الفضيحة لطرد
الرئيس كلينتون ولكن لم يفلحوا!، الدول الغربية بنت
منهجها على منهج مادي بحت على منهج "الذكي والغبي" و"الضعيف والقوي"
لا قيم اخلاقية تحكمهم.
تاسعا: ارتباط العلمانية بالإمبريالية: تطور الدول الغربية العلمانية عبر التاريخ لتصل لدول أكثر شراسة مثل ما
حدث في الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) بين الدول الأوربية لتصل خسائرها
لأكثر من الحروب الدينية في اوروبا حيث قدرت الخسائر بأكثر من 9 مليون قتيل وما
حدث بعد ذلك في الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) والتي أدت لوقوع الخسائر
الأكثر في التاريخ فقد قدرت الخسائر البشرية بين 50 -80 مليون قتيل.
الدول العلمانية لديها ارتباط وثيق بالإمبريالية والتوسعية والسيطرة كما
كان في روسيا القيصر (الدولة العثمانية،
بولندا، السويد) الولايات المتحدة الامريكية ( أمريكا اللاتينية، الفلبين) ولم
يتوقف قطار العنف الإمبريالي (العلماني) سواء في فيتنام أو البوسنة أو الشيشان أو أفغانستان
أو العراق أو سوريا الخ فحتى النازية التي جاء منها هلتر بطريقة ديمقراطية، عمليات
الإبادة كانت تحت غطاء وموافقة غالبية الشعب الالماني مثلها مثل الدول الامبريالية
الغربية جاءت عن طريق ديمقراطي وهذا لا يختلف مع الدول العلمانية الأخرى المعتدلة مثل
الولايات المتحدة الامريكية عندما وضعت الالاف من الأمريكيين من اصل ياباني تحت
الحجز الأمني والاعتقال كإجراء أمني احتياطي في الحرب العالمية الثانية وأيضا تم ذلك
تحت غطاء وموافقة الشعب الامريكي، ويعرف كل المنادين بالعلمانية والذين يشيدون
بالثورة الفرنسية انها هي من أرسلت قواتها الاستعمارية لغزونا مثل ما ارسل نابليون
جيوش لغز مصر (1798 - 1801م( وغيرها ، ثم جاءت مرحلة الاستقلال والتي لم تتغير فيها الشيء الكثير اذ
جاءت نخب علمانية أراد المستعمرين منها ان تصنع دول استبدادية فاسدة تقوم باستغلال
شعوبها تحت تأييد الدول العلمانية الديمقراطية والسؤال هنا هل علينا القبول كشعوب ونكون
مثل شعب المانيا النازية وما حصل من قبول بالإبادة وامريكا وما حصل من عنصرية ضد ذوي
الأصول اليابانية وغيرها لأنها جاءت بأليات ديمقراطية سليمة ولمصلحة الدولة العليا
او يجب ان نحكم المعيار الأخلاقي لرفض هذه القرارات الديمقراطية؟.
عاشراً: تناقض العلمانية: ارتباط العلمانية بالتسامح واتساع الأفق والتعددية وقبول الاخر والايمان
بالعلم ليس ضروريا فيمكن ارتباطها باي نظام اخر، فمثلا مقياس صناديق الاقتراع فلو
فاز به الإسلاميين لقالوا هو نظام
دكتاتوري شمولي ففي (تركيا) العلمانية المعتدلة مثلا الدولة التي تتبنى العلمانية
رؤية للكون ومنهجا للتعامل فبعد فوز الإسلاميين في سنة 1998 والذين لا يعادون العلمانية
"تدخل الجيش" وأقال الرئيس المنتخب الفائز وزعيم حزب الرفاه نجم الدين أربكان وتم حل
حزبه وادخل السجن بتهمة مخالفة المواثيق العلمانية! فأين التشدق بمقياس صناديق
الاقتراع! وحتى في الوقت القصير الماضي أصدر الرئيس اردوغان بعد محاولة الانقلاب
الفاشلة عام 2016 عدة قوانين تعسفية منها فصل الالاف من الوظائف المختلفة واغلاق
مجموعة كبيرة من المحطات والمجلات والصحف بل وعمد واستغل الظرف لتغيير بعض المواد
الدستورية لتوسيع صلاحياته منها "الغاء منصب رئيس الوزراء وإعلان حالة
الطوارئ وتعيينات القضاء" وهناك امثلة ومنظومات متعددة تبين ما تصل له النظم
العلمانية في حال بروزها مثل (فكرة الاقتصاد الحر، الداروينية الاجتماعية،
والنيتشوية رجوعا لنيتشه وفكرة الرجل المتفوق وهذا ما فعلته النازية الخ) كلها
منظومات علمانية صراعية بعيدة كل البعد عن الاعتدال والتسامح ولا ننسى كيف تعامل
الغرب العلماني الديمقراطي مع فوز حكومة "حماس" في الانتخابات
الفلسطينية عن 2006 لان المعايير المزدوجة الإمبريالية أساس تسير عليها الدول
الغربية.
الحادي عشر: العلمانية الليبرالية: في العلمانية المتتالية في البداية تكون هناك معايير وقوانين للحريات
العامة ولكن مع الوقت تتحول هذه الحرية الى حرية فكرية ودينية مطلقة ورفع العديد
من القيم الى الصورة المطلقة مثل الحرية والمساواة والقيم الخلقية فماذا لو فرضنا
ان جزء من المجتمع روج الى أفكار داعش وغيرها باسم الحرية الفكرية فهل تقبل
العلمانية الليبرالية بذلك؟ أو ان جزء من الناس عبدوا الفأر باسم حرية العقيدة أليس
ذلك امتهان للكرامة الإنسانية؟ وماذا لو أن الأغلبية وافقت على تطبيق العدالة
والمساواة في زواج المثليين مثل ما هو حاصل في (25 دولة غربية علمانية) فهل يؤخذ
براي الاغلبية في هذا الجانب؟ وحتى في العلمانية المعتدلة ذات الغالبية الإسلامية كتركيا
مثلا لا توجد عقوبة للمثليين ولكنها الى الان لا تعترف به وحسب التتالي المادي
ستكون حالها كحال باقي العلمانيات الغربية.
الثاني عشر: الدولة المدنية الدامج بين الإسلامية
والعلمانية: الدولة التي تحترم الجميع وتحقق وتقوم
على العدل والمساواة والحقوق ويكون دستورها إسلامي وتكون السلطة التنفيذية من
اختيار الشعب فهي المرحب بها ويشترط في الدولة المدنية نقطتان اساسيتان (احترام الثوابت
الإسلامية والقيم الاجتماعية).
التشريع وهذه نقطة خلاف بين العلمانية والنظام الإسلامي حول أيهما المخول
بالتشريع؟ ومن الذي يحدد القانون الثابت والمتغير؟ أي ان هذا القانون محقق للعدالة
في زمن النبي فقط او كل الأزمنة، وهل الانسان اصيل اما وكيل؟
تبعا لمبدأ الخلافة الإسلامية المخول هو الله والوكيل هو الانسان مثل ما
جاء في القران: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، وقال تعالى: ﴿هُوَ
الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ﴾، ولان المنظومة الخلقية في الدولة العلمانية
مجرد شكل وعنوان وليست الزامية كما في النظام الإسلامي إذا يجب ان تكون المنظومة
الخلقية (الزامية) في الدول المدنية لتكون مقبولة وهذا ما ذهب له مشهور فقهائنا
والذي يتسالم عليه العقلاء.
أغلب الدول المدنية الحالية شكلية كما أرادها الغرب للسيطرة عليها وللعبث
بها، وحين تتحقق الدولة المدنية الحقيقة ولو جزئيا وتكون بعيدة عن الارتهان للغرب
وفيها حكم الشعب سنراها تنافس أعظم الدول العلمانية الغربية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق