الاثنين، 30 يوليو 2018

شريعتي ... ما له وما عليه


شريعتي ... ما له وما عليه

بقلم أبو محمد 30 يوليو 2018

المفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي (1933 – 1977) حاصل على الدكتوراه في "علم الاجتماع" (1959) من جامعة السوربون - فرنسا ومن ثم عاد الى ايران عام 1963، بعد ذلك دعاه الشهيد المفكر مرتضى مطهري (1919 – 1979) للتدريس والقاء محاضراته في حسينية الارشاد خلال الفترة من (1969 – 1973) أي لمدة خمس سنوات فقط قبل ان يغلقها الشاه ويعتقل شريعتي لمدة عام ونصف ثم يفرج عنه ليكون تحت الإقامة الجبرية بعدها عام 1977 يسمح له بالسفر الى فرنسا ليجدوه بعد 3 أسابيع متوفى في ظروف غامضة عن عمر 43 عام، هذه لمحة سريعة عن حياته اما عن كتاباته التي كتبها تحت ظروف صعبة وضاغطة (اعتقال، استدعاء، هجرة، حصار، خصومة) فكان لها أصداء في عده اتجاهات منها اتجاه السلطة البهلوية واتجاه الطبقة الدينية الموالية للسلطة ووعاظ السلاطين واتجاه الطبقة الدينية السلبية والصامتة اتجاه الأوضاع الاجتماعية والسياسية والتي تصر على التمسك بالسائد والمألوف وغيرها واتجاه طبقة الشباب الذي أراد له بناء ايدلوجية ثورية وعلى هذا كان هناك أعداء ومختلفون مع شريعتي فمنهم السلطة التي اعتقلت وحاصرت وقتلت وزورت في كتاباته لأثارة رجال الدين ضده ومنهم رجال الدين الذين وصفوه بأبشع الصفات (شيوعي، ماركسي، كافر، ضال، منحرف،الخ)  ووصلت لحد البصق في كتبه من على المنابر ومنهم منتقدي الأفكار  والنتائج التي وصل لها شريعتي ومنهم المؤيدون.
حال شريعتي حال الكثيرون من الداعين للتغير والإصلاح تكون الانتقادات اشد من نفس بلد ومنطقة الشخص كما قال الكاتب البحريني/ علي المحرقي في كتابة (العنف حين يأتي من الداخل): "يلاحظ هنا أنّ الشيخ المصلح والداعي للتغيير أو المجتهد في بعض الآراء وإن خالفت المشهور لا يسقطه إلا من هو مثله، ومن أبناء بلده، وهذه ملاحظة جديرة بالتأمّل والاهتمام، فأشدّ العلماء عنفاً ممّن وقفوا في وجه السيّد فضل الله هم أبناء لبنان، وأشدّ العلماء محاربةً لأفكار ودعوة السيّد محسن الأمين هم أهله من لبنان، وأكثر العلماء غلظة في موقفه من السيد الشهرستاني هم أهل العراق، ومن حارب علي شريعتي هم أهل إيران… وهكذا تجد الملاحظة ذاتها تتكرّر مع كلّ المصلحين، فأبناء الجلدة والبلد والأقرباء هم غالباً أشدّ الناس عنفاً مع من يفكّر ويخرج على السياق العام".

(معلم الثورة) هكذا أطلق عليه من قبل شباب الثورة في إيران ولكي ننظر الى ما قدمه شريعتي يجب النظر الى التالي:
- الظروف والوقائع والفترة الزمنية التي كتب فيها شريعتي وماذا أراد ايصاله.
- غالبية كتبه هي عبارة عن خطابات كانت تمتد من 3 الى 8 ساعات متواصلة كما ذكرها السيد موسى الصدر في حسينية ارشاد او الجامعات وهناك فرق بين تأليف وكتابة الكتب وبين الخطابات والمحاضرات.
- في لقائه مع السيد حسن الأمين بفرنسا صرح شريعتي امامه ان بعض الأمور التي جاءت في محاضرات العقائدية والتاريخية تحتاج إعادة نظر وتدقيق وانه سيقوم بذلك ولكن الموت كان أسرع من ذلك.
- في اخر رسالة لابنه وتعتبر الوصية طالب من اقرانه ومنهم الشهيد مرتضى مطهري ان يقوموا بتصويب الأمور حيث قال " لذلك يجب أن يُعاد النظر في هذه الكتابات من الناحية العلمية والفنية، وتصحيح الأخطاء اللفظية والمعنوية وتطبع مرة أخرى، هي ثمرة حياتي، وكل ما أتمنى، وهي كل وجودي وميراثي".
- ليس هناك كتاب معصوم، فكثير من أفكار شريعتي موافقة للإسلام ولكن له طرق معينه في فهم بعض القضايا الإسلامية.
- ان التهم التي أطلقت على شريعتي، كانت تطلق بصيغة وأخرى على (البهشتي، المطهري، الطالقاني، مفتح، الخامنئي)، حتى السيد الخميني وهذا يعرف من خلال قوله "إنَّ الضربات التي تلقيتها من مدعيِّ القداسة والمعممين -الذين يرتدون الزي الديني- السُذّج؛ كانت أشد وقعاً عليَّ مما تلقيته من أميركا وإسرائيل" المصدر/صحيفة "النور" الجزء22 صفحة200.

وقد انقسم العلماء الى عدة فرق حسب ما ذكر في كتاب محمّد باقر الصدر.. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق، ج3 وأضيف عليها إضافات بسيطة جدا منها:
الفريق الأوّلمثّله جمعٌ من العلماء، من قبيل السيّد عبد الله الشيرازي والسيّد الخوئي والسيّد شهاب الدين المرعشي النجفي(رحمهما الله)، وذلك من خلال الاستفتاءات التي تضمنت بعض الآراء لعلي شريعتي (تلك الآراء المقتبسة من كتب علي شريعتي) حيث تضمنت الاجاب على (حكم عدم جواز بيع وشراء الكتب التي تشتمل على تلك الآراء لأنها كتب ضلال وعدم الممانعة على الاطلاع لأصحاب العقيدة الثابتة.

الفريق الثانيوهو الفريق الذي كان مقبولاً في الساحة الإيرانيّة على مستوى الشباب، ولم يؤمن بالدخول في صراع عنيف مع شريعتي، حيث رأى أنّ الطريقة المثلى هي مجابهة أفكاره ونقدها بروح علميّة. ويقف على رأس هؤلاء الشهيد الشيخ مرتضى المطهّري " الذي قد تفاوت رأيه بشريعتي بين زمان وآخر" والسيّد محمّد حسين الطباطبائي. إضافةً إلى السيّد الخميني الذي اختلف موقفه عن موقف العلماء المصعّدين، وإن كان من نمط فكريٍّ مباينٍ لشريعتي.
وفي رسالة للسيد الطباطبائي الى الشهيد مطهري " إنّ رأيي الذي أبديه يتعلّق بعدم صحّة المطالب الواردة لا بشيء آخر.... إنّ كثيراً من كتاباته لا تنسجم‏ مع مباني وأصول المعارف الإسلاميّة... وفي الوقت نفسه فإنّها رائجة بين مختلف الطبقات رواجاً كبيراً، ولهذا ينبغي التركيز على عدم تلقّيها جميعاً على نحو الصحّة، وعلى ذوي الأهليّة أن يقوموا (بنقدها العلمي وبالمنطق)".
واما الشهيد محمد باقر الصدر فكان رايه أنه يجب معالجة الموضوع بهدوء وبمنطق علمي وحواري حيث قال لضيف قدم من طهران" إنّ الدكتور شريعتي يمتلك قدرة بيانيّة عالية، ويستعمل مفردات وأمثلة حديثة ومن واقع المجتمع، يفهمها الناس ويتفاعلون معها وخاصّة الشباب. بينما الفريق الذي تصدّى لشريعتي من العلماء يستعملون مفردات قديمة وزمانها غير هذا الزمان وأمثلتهم بعيدة عن الواقع المعاش، لهذا يكون التجاوب معهم ضعيفاً حتّى لو كانوا على حق، فهذه اللغة تعتبر غريبة أو غير جذّابة للشباب..
إنّ طالب العلم في الحوزة يقرأ كتباً ألّفت قبل فترات زمنيّة بعيدة عن زماننا بعضها قبل مئات السنين، لهذا فأمثلتها ومفرداتها قديمة وبعيدة عن فهم وجذب الشباب الذي عادةً يتطلّعُ إلى الحديث والجديد، لهذا يكون تأثيركم على جيل الشباب ضعيفاً، في حين الدكتور شريعتي يستعمل اللغة الحديثة والجذّابة بالإضافة إلى قدرته الفكريّة. فكيف تدخلون في صراع نتيجته خاسرة مسبقاً » وعند اجابته على سؤال السيد محمد الحيدري عن فهم شريعتي للإسلام هل هو صحيح أجاب السيد الصدر " « هناك أخطاء في أفكار شريعتي وبعضها واضح، ولكن ليس من الصحيح الدخول في صراع معه" كتاب محمّد باقر الصدر.. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق، ج3.
وكانت هناك ملاحظات في ثلاث نقاط لشريعتي خاصة بالشهيد الصدر تحت عنوان "نقد نظريّة الإمامة عند الشهيد محمّد باقر الصدر" وارسلها شريعتي الى مترجم كتاب الشهيد الصدر "بحث حول الولاية"  الشيخ حجّتي الكرماني وعند وصولها للشهيد الصدر أجاب عنها وكان الجواب محررا بخط الشيخ النعماني ثم ارسل للسيد الافكاري والسيد كاظم الحائري والسيد مرتضى العسكري ليطلعوا عليها ثم ترسل الى الشيخ حجتي الكرماني ليترجمها للفارسية ولكن كان رد طلابه بعدم صلاح هذه الخطوة أي نشر رد الشهيد الصدر على ملاحظات شريعتي، لأنّ ذلك يعطي حجماً كبيراً لشريعتي!.

وهناك نقاط يجب مراعاتها لمن يريد تقديم النقد لأي موضوع وهو الدخول في بحث استدلالي يخاطب العقل والمنطق، مراعاة الادب الإسلامي والأخلاق الإسلامية في الرد والمخاطبة بالموعظة والحكمة وبالتي هي حسن، تجنب شخصنه أي موضوع واهانه الشخصيات.

المؤيدون ماذا قالوا:
- حاول ان يقدم حلول وشرح للمشاكل التي كان يعاني منها المجتمع بسبب المبادئ الإسلامية التقليدية الموجودة آنذاك.
- شريعتي كان عارفا بأسئلة الجيل الشاب واحتياجاته لذا حرِص على طرح ما يتوصّل إليه على الجمهور للتباحث والتداول فيه، فاتحا باب النقد في ذلك كله.
- وضح شريعتي مقوله الدين المضلل. الدين الحاكم الذي يتشارك السلطة مع رجال المال والقوة، وقد حاول تعريته وتثقيف الناس حولهم وهو ما جاء في خطابه في كتاب النباهة والاستحمار.
- بخصوص الدولة الصفوية فان شريعتي عرى هذا الجانب للدولة الصفوية وهو "التشيع المبتدع" التي دأبت على بث الفرقة واضفاء الطابع المذهبي والقومي والتركيز على نقاط الاختلاف المذهبي واهمال النقاط المشتركة التي كانت ستساعد المسلمين وتقوي موقفهم ضد الغرب وتجعل من التقارب بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية أساس يسار عليه.
- عرى التسنّن الأموي الذي يضفي الشرعية على السلاطين والحكام والتبرع بالأحكام والفتاوى الجاهزة لتتناغم التوجه الرسمي للحكومات.
- ان شريعتي بين التشيّع العلوي "الأصيل" الذي هو حركة ثورية تمارس الجهاد فكراً وأسلوباً في مواجهة الأنظمة ذات الطابع الاستبدادي والطبقي كما كان أبى ذر مثلاً. وهو تشيّع يتبنى إقامة العدل ورعاية حقوق الجماهير المستضعفة سيراً على خطى ونهج الإمام علي (ع).
- بين شريعتي الخرافات والخزعبلات التي يتبناها التشيع الصفوي وعلمائه وكيف أثر ذلك على تلك الفترة لتمتد الى فترتنا الحالية وبين علماء التشيع العلوي باستخدامهم المنطق العلمي الأسلوب الاستدلالي المتين وأراءهم المتفتحة من حماية القيم الحضارية والعقائدية للتشيع العلوي ومثل هؤلاء العلماء (الشيخ محسن الأمين العاملي، السيد شرف الدين، الشيخ كاشف الغطاء، الشيخ محمد جواد مغنية، الخ)
- سعيه لتجديد منهج فهم الإسلام الأصيل على المستوى الاجتماعي والسياسي، وهو سعي يحتم البدء بمراجعة الذات وتنقية التراث والوقوف في صلب معركة المواجهة ضد الاستعمار والاستبداد والاستغفال الديني والمذهبي.

المخالفون المعتدلين والمحافظين ماذا انتقدا وقالوا:
- موقفة ونقذه اللاذع للدولة الصفوية وتقديمه سيلا من الاتهامات والعيوب والاخطاء واتهامه لها بانها حرفت التشيع من مصدره الأصيل الى مسار الغلو والخرافة والانحراف عن خط الإسلام وخط التشيع العلوي.
- قضية تكذيبه لزواج الامام الحسين ببنت يزدجر وادعائه انها قضية مختلقه لتوظيف القومية جاء بها العلامة المجلسي كما جاء في كتاب الشيع العلوي والتشيع الصفوي، " علما أن الحادثة مذكورة قبل وفاة العلامة المجلسي (1037 – 1111 هجري) بمئات السنين ففي تاريخ اليعقوبي المتوفي سنة 284 هجرية ذكر ذلك وكذلك في كتاب الكافي للكليني المتوفي سنة 329 ذكر ذلك وفي كتب المخالفين ذكر ذلك الذهبي في سير اعلام النبلاء 4/386 .
-مسألة الخاتمية: وهو ذكره في كتاب (معرفة الإسلام) أن حاجة الإنسان للتوجيهات الماورائية المباشرة، لبلوغه مرتبة دينية وتربوية كافية، يستطيع من خلالها مواصلة حياته اعتمادا على نفسه، ودون الحاجة إلى "نبوة جديدة"، "علما بأن الشهيد بهشتي وضح مقصود شريعتي من ذلك وانه تم اساءه فهمه".
- ومسألة الخلافة والامامة ومسالة البيت النبوي وموضوع التربة الحسينية وخصائصها وكيف قلل من قيمتها.
- وصف انه متأثر بالفكر الماركسي والتحليل الماركسي للدين ومن ضمن الذين يرون ذلك (الشهيد محمد باقر الصدر، الشهيد مطهري، الدكتور عبدالجبار الرفاعي واخرين) " ملاحظة جميع المذكورين قالوا عن شريعتي انه مؤمن وفاهم ولكن لديه اشتباهات".
- نقذه اللاذع للعلامة المجلسي (رحمه الله) (1037 – 1111 هجري) وتشبيهه انه رمز التشيع الصفوي.

نقاط حول الموضوع:
أولا: يتبين من خلال اخذ فكر شريعتي ان له تركيبة سيكولوجية خاصة وله حس مرهف سريع التأثر حتى ان بهشتي قال عنه " في الدرجة الأولى شريعتي شاعر ثم انه باحث"، وأنه واجة وضع خاص وبيئة خاصة فعند بدا مشروعة الفكري والثقافي قامت القيامة ضده وواجهته عاصفة انتقادات وتشويه من قبل خصومة من على المنابر حيث كانوا يبصقون على كتابه "التعرف على الإسلام" وكانوا يصفون الحسينية التي يخطب ويدرس فيها بيزيدية الاضلال.
ثانيا: أراد شريعتي أن يضع خصومة في زاوية حرجة وأن يضرب عصفورين بحجر واحد ولأجل هذا جاء خطابة وكتابه التشيع العلوي والتشيع الصفوي فأراد ان يوصل ان الخصوم الذين يواجهونه هم مرتبطون بالسلطة أنداك وانه نجح في توجيه ضربه للخصوم ونظام الشاه في ان واحد لهذا جاء هذا الكتاب في هذه الأجواء، وأراد من خلال خطاباته ونقده ان يشجع الحوزة على إعادة النظر في بعض الأمور وان يأخذ الفقه والحوزة مكانتهما من حياة المجتمع والمواجهة من الظلم.
ثالثا: شريعتي كان ينظر للقضايا من ناحية "علم الاجتماع" وليس من الناحية الفقهية والحديثية، لذا كانت غالبية قضاياه مثل (قضية صلاة أبي بكر وطبيعة موقف النبي (ص) منها) وحيث اختار النظرية الثالثة من التي ذكرهم وذلك لأنها تنطوي على أهمية فائقة من وجهة "النظر الاجتماعية" وان هدف النبي (ص) من صلاة الجماعة هو ان تحفظ بتلك الهيئة وذاك الشكل. وكذلك كان يرى ان الحكم العثماني هو كالحكم الصفوي (1501 – 1722) ولكن هو يرى ان الحكم العثماني انه وقف وكان ضد الاستعمار والغزو والمد الغربي وأنها فضيلة تحسب للعثمانيين.
رابعاً: شريعتي كان يتحرك بمنظور أدلجة الدين بمعنى أظهر بعض الأمور وغيب بعض الأمور وذلك لغاية معينة وهي تفجير الوضع الثوري في ايران وبناء ايدلوجية ثورية حركية لأحداث الثورة غير ان هناك خلل في منهجية شريعتي منها: 1- خلل واضح في المنهجية من حيث انه زج بنفسه في علوم لم تكن من اختصاصه، مثل علم الملل والنحل " الحديث عن التشيع الصفوي" وعلم الكلام "الحديث عن القضايا العقائدية" والزوايا التاريخية وهي ليست من اختصاص شريعتي لذلك ارتكب أخطاء في هذه المجالات وهذا شيء طبيعي لحدوث بعض الأخطاء البسيطة، مثلا انه ادعى ان في العهد الصفوي "استحدث منصب وزاري جديد باسم (وزير الشعائر الحسينية)، وقد قام هذا الوزير بجلب هدايا الغرب "الطقوس الشعائرية" لإيران" والتاريخ أصلا لم يتحدث عن وجود هذه الوزارة وبخصوص الشعائر وانها كانت دخيله فالشهيد مطهري ذكر "ان التطبير والطبل عادات ومراسيم جاءتنا من ارثودوكس القفقاز وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم" كما جاء في كتاب الجذب والدفع في شخصية الإمام علي (ع) ص 165.
خامساً: أن شريعتي لم يعتمد على المصادر التاريخية بمعنى انه اخذ إشارة من هنا واشارة من هناك وصاغ هذا الواقع وإذا قرات كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي لم تجد مصدر اعتمد عليه شريعتي وذلك ربما راجع لأنه قدم خطاب وليس كتاب، وبسبب تلك الأخطاء خاصة في التاريخ أصبحت كتاباته اشبه ما يكون للروايات العالمية واما في الناحية الأدبية فهي في القمة وقد حققت الغرض الذي أراده شريعتي من وراء كتابه.
سادساً: ليس هناك تشيعين في تاريخ الشيعة، فلا يمكن ان توضع بعض الاسقاطات والهفوات من بعض العلماء لرسم صورة من تاريخ ممتد للشيعة، صحيح هناك تيار تقليدي شيعي اطرته الظروف لذلك ولكن هل الصمت يصوغ لنا وصف العلماء بالصفوية؟ هذا تاريخ الائمة فحتى الامام الحسين كان صامت بهذا المنطق امام معاوية لمدة 15 سنة، فالثورة تكون حسب موازين معينة وهذا ما كان عليه اغلب الائمة على مر التاريخ وكذلك الفقهاء لم يرضخوا للحكام على مر التاريخ فمثل ما قال الشهيد الصدر في كتابه "اهل البيت تعدد أدوار ووحده هدف".
سابعاً: صحيح ان السلطة الصفوية أعطت الفرصة للعلماء مثل العلامة المجلسي وان هؤلاء العلماء استغلوا الفرصة بخير وقدموا خدمات للتشيع حيث كان في العهد الصفوي أكبر الاعمال العلمية أنجزت ولكن لا يغلب منطق المصلحة على منطق موقف التكليف الشرعي للعلماء فالدولة الصفوية تحمل العنوان الشيعي صحيح ولكن لم تكن دولة شيعية بالمعنى الصحيح للدولة بل ان الدولة الصفوية لها منهج خاص ورؤية سياسية خاصة بها.

وفي الختام انقل قصة طريفة نقلها السيد محمود دعائي : سفير ايران في العراق بعد انتصار الثورة:
صعد أحد خطباء مدينة مشهد، وأخذ يذكر الدكتور شريعتي بسوء، وأهم سيئة ركز عليها هذا الخطيب انه قال حرفياً: ألا تعلمون أيها السادة ان شريعتي من مقلدي الخميني؟ فكيف تستمعون له؟ وعندها وصل الخبر للدكتور شريعتي فقال: انظروا الى حماقة ما يسمى بالخطيب، انه بدل ان يذمني أثنى عليّ بأحسن الثناء، ولو أني منحت أحداً مليون توماناً – جزاء ان يصرح على الأشهاد ن بأن شريعتي يقلد الخميني، لما فعل ذلك ويضيف شريعتي: انه فخر لي واعتزاز أن أكون مقلداً له، وكيف يمكنني أن اتخذ غيره مرجعا لي؟ هل باستطاعتنا أن نكون لهُ مقلدين وهل لنا الأحقية في ان نطلق هذا اللقب ((خمينيون)) على أنفسنا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...