الجمعة، 3 أغسطس 2018

زين الدين: تسمية الحشاشون جاءت من الغربيين ليفسروا السلوك الغريب لعمليات الاغتيال


في ندوة دعت لها مبادرة القراء البحرينيين
 زين الدين: تسمية الحشاشون جاءت من الغربيين ليفسروا السلوك الغريب لعمليات الاغتيال


تغطية – أبومحمد 2 أغسطس 2018

رابط تسجيل فيديو الندوة
https://youtu.be/o9Oi_pAwSQ0

ليلة الجمعة 2 أغسطس كان اول حضور لي للندوات التي تدعوا لها مبادرة القراء وكانت هذه المرة أمسية تاريخية بخصوص موضوع (الحشاشون) لأستاذ متخصص في التاريخ وكثير الاطلاع من كل الاتجاهات وهوالاستاذ/ فاضل زين الدين وهو ما أثبته في كم المعلومات والتفاصيل الغائبة عن الكثيرين ممن قرا عن الإسماعيلية والنزارية والحشاشون و(انا) منهم.

ملاحظة: هناك إضافات وتفاصيل وضعت من قبلي لم تكن في الندوة وتم تعديلها من قبل الاستاذ فاضل زين الدين.

رواية فلاديمير بارتول "آلموت" المنشورة سنة 1938 م. يتكلم بارتول في روايته عن حسن الصباح وفدائيي ألموت وتقويض حكم السلاجقة. وتدور القصة حول الشخصية الخيالية "ابن طاهر" وهو الذي انضم إلى فدائيي ألموت حسب رغبة اهله. وتلقى خلال ذلك التدريبات اللازمة. حتى حان الوقت لتفيذ عملية الاغتيال الأولى وكانت ضد الوزير السلجوقي نظام الملك. فنجح ابن طاهر إلى اغتيال نظام الملك لكنه اكتشف فور تنفيذ الاغتيال انه تم خداعه. فيقرر العودة إلى ألموت لاغتيال حسن الصباح.
ويظهر بارتول الحشاشين بصورة سلبية. ويظهر حسن الصباح (1094-1124 ) على انه شخصية متلاعبة وعديمة الضمير. وقد يكون ذلك بسبب تأثر الكاتب باغتيال الكسندر الأول ليوغسلافيا. فلاديمير بارتول أعتمد على مصادر في روايته "ألموت" وهذه المصادر هي ما كتبة الرحالة المعروف " ماركو بولو" وهو رحالة عالمي مثل ابن بطوط وصنف انه من اهم المصادر التي اعتمد عليها والسؤال هو من هو "ماركو بولو"؟
ولد سنة (1254) ميلادي، كان هو وأبوه نيكولو وعمه مافيو أول الغربيين الذين سلكوا طريق الحرير إلى الصين واسقر هناك لسنوات وكان مقرب جدا لحاكم الصين  قوبلاي خان وحفيد جنكيز خان وقد وثق سلسلة مغامراته في كتابه ورجع بلدة بعد 24 عام سنة 1295 الى مدينته وكانت البندقية في حال حرب مع جنوى فقبض وأسر "ماركو بولو" وأودع في السجن وكانت اغلب قصصه مكتوبة وقصاها داخل السجن فيا ترى ماذا قال ماركو بولو عن الحشاشون في حكايته التي باتت تعرف بـ"أسطورة الفردوس" والتي وصف فيها قلعة ألموت:" أنه كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة، وقد كان ممنوعاً على أيّ فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرّر أنهم سينضمون لجماعة الحشاشين. كان شيخ الجبل يُدخِلهم القلعة في مجموعات، ثم يُشرِبهم مخدّر الحشيش، ثم يتركهم نياماً، ثم بعد ذلك كان يأمر بأن يُحملوا ويوضعوا في الحديقة، وعندما يستيقظون فإنهم سوف يعتقدون بأنهم قد ذهبوا إلى الجنة، وبعدما يُشبعون شهواتهم من المباهج كان يتم تخديرهم مرة أخرى، ثم يخرجون من الحدائق ويتم إرسالهم عند شيخ الجبل، فيركعون أمامه، ثم يسألهم من أين أتوا؟، فيردون: "من الجنة"، بعدها يرسلهم الشيخ ليغتالوا الأشخاص المطلوبين؛ ويعدهم أنهم إذا نجحوا في مهماتهم فإنه سوف يُعيدهم إلى الجنة مرة أخرى، وإذا قُتلوا أثناء تأدية مهماتهم فسوف تأتي إليهم ملائكة تأخذهم إلى الجنة!"
هذا باختصار ما ذكره ماركو بولو واعتمد عليه فلاديمير بارتول، ونطرح السؤال مره أخرى متى ولد ماركو بولو؟ سنة 1954، وعندما هدمت قلعة ألموت سنة (1956) كان عمر ماركو بولو "سنتين" كان هناك شخص اسمه الجويني ذكر ان القلعة أصبحت اثرا بعد عين بينما ماركو بولو أورد قصة وكانه كان موجوداً! ولكن دائما مصادر ماركو بول كانت تبدا بــ "سمعت القصة" وهي جملة غالبية حكايات ماركو بولو تبدا بها أنه سمع ولم يرى زمنها قصة قلعة ألموت.

عزيزي ماركو هل ذهبت للصين أصلا؟ هذا سؤال تم تداوله مؤخرا وهناك كاتبة أوربية اسمها فرانسيس وود كتبت كتاب اسمه "هل ذهب ماركو بولو الى الصين؟" لان كثير من الاحداث التي يذكرها ماركو بول لا توجد في الصين واهم الأشياء مثل سور الصين العظيم واستخدام عيدان تناول الطعام أو شرب الشاي وغيرها لا يكتب عنها وكتب أمور جانبية ولهذا طرحت سؤال هل ذهب للصين أصلا؟ ولهذا يثبت ان اغلب حكايات ماركو بولو انه سمع ولم يرى ما حكاه. وقد اشتهر كتابه في الغرب باسم "كتاب المليون كذبة".
هناك شخص اخر وهو فلاديمير إيفانوف (1886 – 1970): مستشرق روسي ورائد متقدم، بل ومُؤسس، في الدراسات النزارية الإسماعيلية الحديثة سافر لمرتين وعاين قلعة آلموت لدراسة ما ذكره ماركو بولو عن الجنة في ألموت فقال بعد مشاهدته "أي جنة في أرض يجتاحها الشتاء بجليدة سبة أشهر من العام، حتى يحولها الى ارض غير ذي زرع" الى ذلك سنتنتح ونفهم الاتي: أن العقلية الأروبية وجدت سلوك وأسلوب الحشاشين سلوك عجيب وغريب ولأجل تفسير هذا السلوك أوجدوا اسطورة الجنة في قلعة ألموت.

الحشاشون تاريخيا هم شيعة اسماعيلية امنوا بأمامه الامام علي (ع) الى الامام جعفر الصادق (ع)  ثم حدث الإنشاق المهم فقسم امنوا بإمام الامام موسى الكاظم (ع) بن الامام جعفر الصادق ويسمون بالشيعة الاثنا عشرية وقسم أمنوا بإمامة أسماعيل بن الامام جعفر الصادق (ع) ويسمون بالإسماعيلية، وهناك رايين حول إسماعيل الأول "ويقولون ان إسماعيل صحيح أنّ انه مات زمن أبيه ولكن الإمامة كانت فيه، وإنّما تنتقل منه إلى ابنه محمّد بن إسماعيل، الذي هو الإمام الثاني للإسماعيلية وهذا الراي عليه غالبية الاسماعيلية، الراي الثاني: أنّ إسماعيل لم يمت في حياة أبيه، وإنّما كان إظهار موته من أجل التستّر عليه وحفظه، وأنّه بقي حيّاً بعد أبيه. وان الإسماعيلية في هذه المرحلة دخلوا مرحلة تسمى الستر الى ان وصلوا الى مرحلة تسمى عبدالله المهدي أحد احفاد إسماعيل وظهر في المغرب واقام له دولة الى ان وصلت هذه الدول الى مصر  وأصبحت الخلافة الظاهرة الى ان وصلت الخلافة الظاهرة الى شخص اسمه أبو تميم المعز المستنصر بالله وفي عهدة حصل في مصر ما سمي "بالشدة العظمى" أي المجاعة بسبب الفساد الإداري والمالي وانخفاض منسوب المياه في نهر النيل واستمرت هذه الشدة لمدة 7 سنوات واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرائها. بل أن بعض المؤرخين ذكروا اكل الناس جثث من مات منهم . وصاحب هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بالناس حتى قيل: إنه كان يموت بمصر عشرة آلاف نفس، ولم يعد يرى في الأسواق أحد، ولم تجد الأرض من يزرعها الى ان استعان المستنصر بشخص اسمه بدر الدين الجمالي للخروج من الازمة لم يكن أمام الخليفة المستنصر بالله للخروج من هذه الأزمة العاتية سوى الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الدولة التي مزقتها الفتن وثورات الجند، وإنهاء حالة الفوضى التي عمت البلاد، فاتصل ببدر الجمالي واليه على "عكا"، وطلب منه القدوم لإصلاح حال البلاد، فأجابه إلى ذلك، واشترط عليه أن لا يأتي إلا ومعه رجاله، فوافق الخليفة على شرطه.

وما إن حل بدر الجمالي بمدينة القاهرة حتى تخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة، وبدأ في إعادة النظام إلى القاهرة وفرض الأمن والسكينة في ربوعها، وامتدت يده إلى بقية أقاليم مصر فأعاد إليها الهدوء والاستقرار، وضرب على يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد ولم يكن للوزير بدر الجمالي أن يقوم بهذه الإصلاحات المالية والإدارية دون أن يكون "مطلق اليد"، مفوضا من الخليفة المستنصر، وقد استبد بدر الجمالي بالأمر دون الخليفة، وأصبحت الأمور كلها في قبضة الوزير القوي، الذي بدأ عصرا جديدا في تاريخ الدولة الفاطمية في مصر.
في هذه الفترة كان هناك شخص اسمه الحسن بن الصباح وقد علم ان قوة سلطة الجمالي هي من ستعين اسم الخليفة القادم وان هناك سعي لاستبدال نزار بأحمد، لذلك هرب الحسن بن الصباح من مصر الى فارس وكانت تحت حكم الدولة السلجوقية ويؤسس لدولة النزارية في قلاع ألموت سنة 1090 وهي قلعة حصينة جداً، عند وفاة المستنصر بالله نشب خلاف بين من رأوا أن الإمام هو ابنه أحمد المستعلي بالله وبين من رءوا أن الإمام هو ابنه الآخر نزار المصطفى لدين الله، وبتدخل الأفضل شاهنشاه إلى صالح الأول استقر النزاع لصالحه، فجلس المستعلي على عرش الفاطميين، وهذا ما فطن له الحسن بن الصباح سابقا فكان ذلك انشقاقا في الإمامة الإسماعيلية بين (مستعلية ونزارية).
ومن قلعة ألموت بدا الحسن بن الصباح نضالا بهدف استعادة صاحب الحق الأصلي والشرعي نزار صاحب الحق بالخلافة، وبدا الحسن بالتوسع وأخذ الكثير من القلاع والأماكن الصالحة لبناء القلاع الحصينة، وقد تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على قلعة لمبسر عن طريق هجمات جنوده عليها ما بين عامي 1096 و 1102 بقيادة عامله "بزرك آميد" وحكمها عشرين عاما، وقد كانت قلعة استراتيجية مهمة وقائمة على صخرة مدورة تطل على شاه رود، وعن طريقها تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على كل منطقة رودبار، وبعدها ارسل مجموعة من اتباعه في عملية اشبه ما تكون بانتحارية من فارس الى الشام وقال لهم أسسوا دولة نزارية في الشام باستخدام القلاع الجبلية وكان ذلك كالسكين في خاصرة الدولة الفاطمية والصلبيين والعباسيين زجوا بأنفسهم وسط منطقة ملتهبة.
النزارية بعد وفاة الحسن بن الصباح سنة 1124  الذي كان باب للأمام ولان الامام لازال مستتر وغائب،  استلم الحكم بعد شخص اسمه بزرك آميد (1124-1138) وسار على نهج الحسن بن الصباح وبعد بزرك آميد حكم ابنه محمد (1138-1162) وبعد محمد جاء شخص يسمى الحسن (1162-1166) وقال انا لست ابننا لمحمد بزرك آميد بل انا الامام الحسن حفيد الامام نزار  وانه قد حان الوقت بعد استتباب الدولة ان لا يبقى الامام مستورا بل معلنا  ليكون اول من يعلن عن نفسه وقد اعلن عن القيامة ودخول النزارين في طور جديد من تاريخها الديني وكان الحسن الثاني قد استند الى التأويل والتقاليد السابقة لأجل تفسير القيامة للنزاريين تفسيرا روحيا ورمزيا وطبقا لذلك لم تعد القيامة تعني اكثر من ظهور الحقيقة المكشوفة في شخص الامام النزاري وبعده جاء ابنه نورالدين محمد الثاني ابن حسن الثاني (1166-1210 ) وبعده جاء ابنه جلال الدين حسن الثالث ابن محمد الثاني (1210-1221) فقام بخطوة جريئة بإصدار امر لاتباعه بتطبيق الشريعة في صورتها السنية وتغيير الاذان الشيعي الى الاذان السني وبذلك انضم للإسلام السني، وسارع الخليفة العباسي الناصر سنة 1211 ميلادي الى الاقرار بخطوات التقارب النزاري مع الاسلام السني فأصبحت حقوق جلال الدين حسن الثالث بأراضي النزاريين معترف بها رسميا للدولة العباسية، وبعدها جاء أبنه علاء الدين محمد الثالث ابن حسن الثالث (1221-1255) الذي أعاد العقيدة النزارية كما في السابق ثم جاء اخر من حكم قلاع الموت هو ركن الدين خورشاه ابن محمد الثالث (1255-1256)، الذي استسلم لهولاكو خان سنة 1256 وقتل أثناء عودنه من عند قوبلاي خان وبذلك انتهى حكم النزاريين لقلاع ألموت.

في قلاع ألموت تم تربية جيل فدائي وجهاديا بامتياز هذا الجيل تم تربيته تربية عسكرية كان أكثر ما يميزهم هو استعدادهم للموت في سبيل تحقيق هدفهم. وكان على الفدائيون الاندماج في جيش الخصم أو البلاط الحاكم بحيث يتمكنوا من الوصول لأماكن استراتيجية تمكنهم من تنفيذ المهمات المنوطة بهم وبسبب هذا الجيل صدرت لنا اسطورة الجنة التي تحدث عنها ماركو بول، هذا الجيل تم تربية على عقيدة الفداء وليس تحت تأثير أي مخدر  بل يقومون بذلك ايمانا بقضيتهم ويقومون بعمليات عسكرية امام  الجميع ليوصلوا رسائل لجميع الجهات وإرهابها على سبيل المثال قاموا باغتيال الكثير من الشخصيات منها: نظام المُلك الذي كان وزيراً متنفِّذاً في الإمبراطورية السلجوقية الكبرى التي امتدّت من تركيا إلى أفغانستان والذي اقام حصارا على النزاريين، في العام 1092، تقدّم عابرُ سبيل صوفيّ من هودج نظام المُلك؛ وكون الأخير معروفاً بتدينه، فطلب من الرجل أن يقترب. وفي الحقيقة لم يكن الرجل سوى قاتل من الحشاشين طعن نظام المُلك بخنجر كان يُخفيه فقتله، وبعده جاء ابنه فخر المُلك واستمر في حصاره وأيضا اغتيل على يد الحشاشين والحقوه بوالده وبعده جاء الثالث ففضلوا الانسحاب، فقد عرفوا انهم يواجهون تنظيم منظم يستطيع الوصول الى أي مكان يريدونه ومن الاغتيالات اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله الذي كان اسيرا لدى السلاجقة والذي كان مكرما معززا عنده امتدت له يد الحشاشين فطعن بخنجر وقتل وأيضا الخليفة العباسي الراشد فقد استطاعوا الوصول الى سردابه بالخيمة واغتياله وأيضا اغتيال الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله ابن المستعلي حيث بعد الانشقاق بين المستعلية والنزارية ارسلوا اليه مجموعة من الحشاشين واغتالوه وبعده دخلت الدولة الفاطمية في وضع غير مستقر حتى نهايتها على يد صلاح الدين الايوبي  سنة 1171 ميلادي، شخصية أخرى قدم الحشاشون على اغتيال الكونت ريموند الثاني من طرابلس والذي كان الضحية الافرنجي الأول وايضا اغتالوا كونراد دي مونفيراتو (كونراد الأول، ملك القدس) حاكم بيت المقدس.
تحت تأثير الإرهاب استطاعوا ان يصبحوا قوة معروفة حول العالم وقد وجدوا في صلاح الدين الايوبي قوة إقليمية تأثر عليهم لذا حاولوا اغتياله (مرتين)، الأولى: ديسمبر 1174مـ بينما كان يحاصر حلب. حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب بأذى، الثانية: في مايو 1176 ميلادي عندما كان صلاح الدين يحاصر عزز حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزي جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته. ووتمكنوا من قتل العديد من الأمراء ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التي كان يرتيدها. وقد اتخذ صلاح الدين بعد هذه الأحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام في برج خشبي أقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لاحد لا يعرفه شخصيا بالاقتراب منه.
وفي أغسطس 1176م تقدم صلاح الدين في اراضي الحشاشين تحدوه الرغبة في الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث ان فك الحصار وانصرف وذلك بعد وساطة أمير حماة خال صلاح الدين الذي ناشده جيرانه الحشاشون التدخل لصالحهم.

الحشاشون هل لهم وجود اليوم؟
سبق وذكرنا ان الحشاشون آل أمرهم  الى ركن الدين خورشاه ابن محمد الثالث (1255-1256) حيث دخلوا نفق شديد هو نفق الشتات حيث تشتتوا في كل مكان حتى في سوريا وغياب القيادة المركزية حيث آل امره الى الستر الى ان ظهر  احد الائمة من اصل النزار في منطقة انجدان في ايران، ثم آلت الامامة الى الائمة الآغاخانية الذي بدأ ظهورهم في فارس مع الامام حسن علي آغا خان الاول،وبعد خلافة النظام الابياني القاجاري منتصف القرن التاسع عشر تنقل اللا افغانستان والسند (باكستان) الى ان استقر في الهند في بومباي، وتوالت الامامة في النسل الآغاخاني الى ان وصلت آغا خان الثالث سلطان محمدشاه  حيث درس في كلية إتون وفي جامعة كامبردج، ابن أغا علي شاه (مات 1957) تولى منصب رئاسة عصبة الأمم نفسها بين العامين (1937-1938) واليوم وصلنا الى الامام رقم (49) شاه كريم الحسيني أغاخان الرابع، حفيد سلطان محمدشاه (وهو الإمام الحاضر) وهو على علاقات دولية قوية وهو صديق مقرب من الملكة اليزابيث، تخرّج من جامعة هارفارد عام 1959 وحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ الإسلامي ويتقن اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية يقيم بفرنسا ولديه الجنسية البريطانية وأيضا لديه جنسية كندية فخرية وقد تولى الامامة "الأغاخانية" اي باللغة الايرانية سادة السادات حيث ظهروا في فارس بعدها توجهوا الى باكستان  وبعدها الى الهند واستقروا فيها. وحاليا يؤمن الامام الـ49 بالتعليم العلماني والانفتاح وهو رئيس شبكة الأغا خان للتنمية  AKDN، التي تعمل في عدد كبير من البلاد حيث انها اقامت مشاريع في مصر مثل حديقة الأزهر و في سوريا و عدد كبير من الدول، وتشمل مقتنياته الخاصّة الواسعة، الفنادقَ وشركاتَ الطيران والصحف. ومن خلال منظماته مثل “مؤسسة أغا خان”، و وكالاتُ الإغاثة التي تموّلها الإمامة يُقدم خدماتٍ تعليميةٍ وصحية وسكنية في جنوب آسيا وشرق إفريقيا ومن الاعمال التي يقوم بها العمل على القضاء على الفقرِ العالميّ، والترويجِ والتنفيذ للتعدديّة العلمانية، والنهوض بوضع المرأة، وتكريمِ الفنّ والهندسة الإسلامية. تقدر ثروته 800 مليون دولار  كما تم تكريمه من قبل 26 دولة ومنهم البحرين والمغرب كدول عربية وحاليا يقدر عدد الإسماعيلية في العالم بــ 12 مليون نسمة يتوزعون في الهند، وباكستان، واليمن ونواحيها، وسوريا، ولبنان، وأفغانستان، وأفريقية، وإيران واليوم الإسماعيلية على قسمين: إسماعيلية شرقية، ويسمّون بـ(النبأية)، والآن يسمّون بـ(الآغاخانية)، وإسماعيلية غربية، ويسمّون بـ(المستعلية)، أو البهرة.
  
العقيدة:
الباطنية:
يصفون بالباطنية حيث يعتقدون ان للشريعة باطنا وهو اهم جانب في الشريعة وظاهراً وان الاهتمام لابد ان يكون بباطن الشريعة وأمّا ظاهر الشريعة فلا يتقيّدون به.
التوحيد:
أبو حامد الغزالي (1058م - 1111م) يصفهم بالملاحدة لأسباب سياسية وارضاء للخليفة المستظهر بالله والذي طلب من الغزالي أن يحارب الباطنية في أفكارهم، فألّف الغزالي في الردّ عليهم كتب "فضائح الباطنية وفضائل المستنصرية" و"حجّة الحق" و"قواصم الباطنية"، بينما الوقائع تقول  انهم من المتشددين في مسالة التوحيد.
الامامة:
هناك درجات للإمامة عندهم خمسة، وهي:
1- الإمام المقيم: الذي يقيم الرسول الناطق، وهي أعلى مراتب الإمامة عندهم وأرفعها، وأكثرها دقّة وسرّية
2- الإمام الأساس: الذي يرافق الناطق في كافّة مراحل حياته ويكون ساعده الأيمن وأمين سرّه
3- الإمام المتم: الذي يتمّ أداء الرسالة في نهاية الدور، وأنّ قوّته تكون معادلة لقوّة الأئمّة الستّة الذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم، ويطلق عليه اسم: ناطق الدور.
4- الإمام المستقر: الذي له صلاحية توريث الإمامة لولده.
5- الإمام المستودع: الذي يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف والأدوار الاستثنائية، وهو الذي يقوم بمهماتها نيابة عن الإمام المستقر بنفس الصلاحيات.
الرقم 7 له خصوصية:
يعتقدون بالنطقاء الستّة، وأنّ كلّ ناطق رسول يتلوه أئمّة "سبعة"، وآخر أئمّتهم إسماعيل متمّ للدور، ويأتي بعده رسولٌ ناطق وناسخ للشريعة السابقة.

لماذا أطلق عليهم الحشاشين؟
يجب ان نعرف ان قصة الحشيش جاءت بعد الاسم، الاسم أوجد القصة وليس العكس
ولدينا مصادر تاريخها 1123 تصفهم assassin وتعني باللغة الإنجليزية قاتل محترف وهو الذي يغتال غيلة. ثم تطور المصطلح فقام اسقف عكا واسمه " ويليام" وهو اروبي يصفهم الى ان يصل ونحن نطلق عليهم الحشاشين ولكن نحن لا نعلم مصدر هذه الكلمة
الى ان وصلت الى المستشرق الفرنسي سِلفستر دي ساسي في القرن التاسع عشر وذكر ان أقدم ذكر لمصطلح " حشاش " كان في بلاد الشام ويعود إلى عام 1122م وذلك عندما استخدمه الخليفة الفاطمي الأمر باحكام الله في رسالته الشهيرة الى اسماعيلية سوريا التي يطعن فيها بإمامة نزار المصطفى ويصف الفئة المنشقة عن الدولة الفاطمية ممن بايعوا نزار بدلاً من مستعلي بالحشاشين دون اي مقدمات تذكر فيرى سيلفستر ان هذا الاستخدام كان استخداما مجازياً كنوع من الشتيمة وليس له اي هدف عقائدي إنما بهدف وصفهم كمنبوذين أو رعاع.

إذا من اين أتت كلمة الحشاشين؟
إذا أردنا ان نعرف سر التسمية لابد ان نعرف من الذي اطلق عليهم هذا الاسم أخوتهم في المذهب واعدائهم وهم الفاطميين الإسماعيلية المستعلية في اطار الحرب الإعلامية بين الجانبين من خلال الرسائل فمن ذلك أن الخليفة الفاطمي (الآمر بأحكام الله) أصدر رسالة باسم (الهداية الآمرية في إبطال الدعوى النزارية)، فرد عليه النزاريون، فرد الفاطميون على الرد برسالة جاء فيها:
" ولما وصلت إلى دمشق ووقف عليها نفر من جماعة الحشيشية فلت عزمهم وكدرت شربهم... " إلى آخر ما جاء في الرسالة. بدون تفسير لكملة الحشيشية
رد النزاريون على هذا الرد، فرد الفاطميون برسالة أوردوا فيها وصفهم للنزاريين بالحشيشية مرة ثانية، إذ جاء فيها: " وقد وقفت يا أبناء الدعوة على ما سطرتموه في كتابكم من جواب الحشيشية - هداها الله وأصلحها - عما تضمنته الهداية... ".
ويرى الدكتور جمال الدين الشيال صاحب كتاب (مجموعة الوثائق الفاطمية) فيما جاء في هذه الرسالة أن الفاطميون هم الذين بدؤوا بنعت الإسماعيلية النزارية بهذا الوصف، وأن هذه الوثيقة صدرت في عهد الخليفة الآمر أي بعد نشوب النزاع بين المستعلي ونزار بنحو عشرين سنة.
ويفسر الدكتور الشيال إطلاق هذا الوصف على النزاريين بأنه كان للتشهير بهم بمعنى أنهم في قولهم بإمامة نزار إنما كانوا يخرفون كما كان يخرف الحشيشية، أي أن الفاطميين لم يتهموهم باستعمال الحشيش. بل وصفوهم بأوصاف مستعمليه بما يطرأ على عقولهم من التخريف. وبما ان النزاريون لم يردوا على وصفهم بالحشيشية، بل مروا به مرور الكرام، وهذا يدل على أنهم لم يفهموا منه اتهامهم بتعاطي الحشيش، بل فهموا منه ما استنتجه الدكتور الشيال:" أنهم إنما كانوا يخرفون كما يخرف الحشيشية ". ولو فهموه غير هذا الفهم، ولو فسروه بأنه اتهام لهم بتعاطي الحشيش لما سكتوا عن الرد على هذا الاتهام.
والمصدر الثاني هو ما كتبه الكاتب الغربي الصهيوني (بول آمير) في كتابه (سيد الموت) ويتلخص ذلك بأن الصفة التي أطلقت على النزاريين: (الحشاشون) هي في الأصل صفة: (الحشائشيون). وهي الصفة التي كانت تطلق في تلك العهود على من يتعاطون جمع الحشائش البرية التي تستعمل هي نفسها أدوية، أو تستقطر منها الأدوية، وقد كان يختص بذلك أفراد، فيهم من هم الأطباء أو الصيادلة، كان يطلق على الواحد منهم لقب: (الحشائشي) حتى لقد أصبح ذلك مهنة من المهن المشتهرة، وكان لها أسواق خاصة بها وتجار يتعاطون بيع الحشائش الطبية وشراءه.
لفظ الحشاشون جاء لنا نتيجة من الاوربيون بشكل عام وجودوا بان العمليات التي قام بها الحشاشون النزاريون انها غريبة على سبيل المثال اغتيال حاكم بيت المقدس تم على يد اثنين ادعوا انهم رهبان لمدة 3 اشهر  وكانوا يتحدثون باللغات الاروبية ويتصرفون كذلك كالأوربيون وعلى علم باللاهوت الأوربي الى ان وصلوا الى الحاكم وقتلوه، لذا وجد الأوربيون هذه المسالة حالة غريبة وعليه فلم يجدوا الا اسما غريبا يلصقونه بهم ليفسروا هذا السلوك الموجود لدى الحشاشون.

جرعة زائدة من الجنة هي التفسير الوحيد لأقدام الحشاشون على هذا الفداء والتضحية.

(اختبار بسيط) لصور وكلمات موجودة بيننا ولكن الحقيقة هي الصادمة ان اغلبها غير حقيقي:

- كلمة منسوبة  لهتلر"كان بإمكاني ان اقتل جميع يهود العالم ولكن تركت بعضا منهم لكي يعرف العالم لماذا اقتلهم" في كل خطابات هتلر وحتى في كتاب كفاحي لم ترد هذه المقولة عن هتلر  ولا يوجد أي خطاب لهتلر تنسب هذه العبارة فيه.

- صورة منسوبة لمحمد بن عبد الوهاب: ليست الصورة المشتهرة والمنسوبة لمحمد بن عبدالوهاب (1703 - 1791) حقيقة لان الكيمرا اخترعت بعد وفاة محمد بن عبدالوهاب بـــ 20 سنة تقريبا والصورة هي لشاعر اسمه محمد بن عبدالوهاب الفيحاني.

- مقولة منسوبة لغاندي " تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر" الحقيقة لا يوجد مصدر ينسب هذه المقولة لغاندي.

المراد الذي اود ان أقوله بان التاريخ يتعرض الى التزوير وجميع هذه الصور والمقولات لتاريخ حديث ومعاصر فتصورا كيف تعرض التاريخ لعمليات تحريف كبيرة، لذلك عندما اقرا يجب ان نبحث في كل المصادر وندقق فيها.

الخاتمة 
مع مقول للعلامة ابن النفيس (1210م-1288م) "وأما الأخبار التي بأيدينا الآن، فإنما نتبع فيها غالب الظن، لا العِلم المحقق"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...