الخميس، 31 أكتوبر 2019

تغطية الندوة التاريخية لمبادرة القراء البحرينيون بعنوان (النازية ولغز صعود هتلر 卍)




النازية ولغز صعود هتلر

أبو محمد –31 أكتوبر 2019- تغطية الندوة التاريخية بعنوان (النازية ولغز صعود هتلر )

أقامت مبادرة القراء البحرينيون ندوة تاريخية بعنوان " النازية ولغز صعود هتلر " مساء الجمعة 2 أغسطس 2019 في صالة مشق جاليري وقدم الندوة كل من (فاضل زين الدين ومحمد الجمري) حيث أجاب المشاركان عن الأسئلة التالية: كيف وصلت النازية للحكم؟ وما هي ظروف استلام زمام السلطة؟ وهل كانت هي الظروف أم الأداء السياسي النازي المقنع؟ ولماذا استبدل الألمان الحكم الديمقراطي؟

وصلة مقطع الفيديو للندوة  https://youtu.be/dHknuctxKT8

أ. فاضل زين الدين

مقدمة لعصف ذهني ولإثارة الاسئلة كما اثيرت في ذلك الزمان:

ألم يكن دستور الجمهورية الاتحادية أفضل وثيقة برلمانية دستورية كتبت في القرن العشرين ورغم ذلك الالمان اختاروا حكومة الفرد وقبضة الحديد والنار على الدستور، ألم يعد هتلر بانه سيسحب البساط من تحت الولايات الالمانية ويؤسس حكومة مركزية قوية؟ ألم يعد هتلر بتقييد الصحافة وحرية الراي فلماذا دعمه الاعلام والإعلاميين؟! ألم يعد هتلر بمنع الاحتكارات وتأميم التجارة وبالتالي حرمان التجار من الثروات الطائلة ورغم ذلك من الذي دعم هتلر؟ هم نفسهم التجار!

هذه الاسئلة كفيلة بان تطرح نفسها لأنه لطالما كان وصول هتلر للسلطة لغز خصوصا بالنسبة للمتابعين السياسيين في تلك الفترة ولكن الان لم يعد هذا لغزا فلماذا؟ لأنه ببساطة تكشفت الكثير من الوثائق والكثير من الاجتهادات والكثير من الاعترافات فأصبح اللغز مكشوفا ومعروفا.

نحن لا ندعي بأننا قد كشفنا اللغز انما بالاستناد على الكثير من الوثائق والشهادات استطعنا ان نجمع بعض الاسباب المنطقية لكي نجعل وصول هتلر الى السلطة وصولا منطقيا نستطيع فهمه بشكل أفضل.

د. محمد الجمري

الخلفية التي اتت من خلالها النازية:

ألمانيا في القرن التاسع عشر لم تكن موجودة في كيان واحد بل ولايات اتحادية فهناك جمهوريات مثل (روسيا، بافاريا، والكثير من الجمهوريات في منطقة الراين) توحدت في ستة عشرة ولاية شمال المانيا لتكون الجمهورية الألمانية الاتحادية بقيادة أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك (1 أبريل 1815 - 30 يوليو 1898) المستشار الالماني الحديدي وهو الشخص الذي رشحه الملك فيلهلم الأول رئيسًا للوزراء في بروسيا في عام 1862، لكبح جناح اليسار فمطالبات اليساريين كانت لفترة طويلة بان تتوحد ألمانيا في دولة واحدة ديمقراطية ولكن عندما اتى بسمارك قال لهم ان المانيا ستتوحد ليس بالكلام والتصريح بل بقوة الحديد والدم وفي هذه الفترة شن بسمارك ثلاثة حروب قصيرة وحاسمة لصالح بروسيا ضد كل من الدنمارك والنمسا وفرنسا العدو اللدود لألمانيا. بعد الانتصار على النمسا ألغى بسمارك الاتحاد الألماني، وأنشى بدلاً عنه الاتحاد الألماني الشمالي كأول دولة قومية ألمانية في عام 1867، وأصبح بسمارك المستشار الفيدرالي لهذا الاتحاد. في 1870 قام بسمارك بعد الانتصار في الحرب بإلغاء الاتحاد الألماني الشمالي وأسس الرايخ الألماني، تم الإعلان رسميا عن تأسيس الرايخ الألماني في قصر فرساي قرب باريس، وبذلك بسمارك أذل فرنسا من قصر فرساي وأعلن قيام الامبراطورية برئاسة القيصر فيلهلم الأول.

بعد وفاة القيصر فيلهلم الأول توج ابنه فيلهلم الثاني قيصرا على الامبراطورية ولكي يفرض نفسه ويحد من نفوذ (بسمارك) قام بإزالته عن السلطة في 18 مارس 1890 وتجريده من جميع مناصبه وكان بسمارك حينها في عمر يناهز الخامسة والسبعين حيث انه منصبة كمستشار بموجبه يملك اغلب المناصب السياسية ولذا لكي يفرض فيلهلم الثاني شخصيته ويقول انا موجود أزال بسمارك عن الواجهة.

ألمانيا في حدودها لديها مشاكل في الحدود خاصة السهول فهي معرضة كثيرا للغزو وفي هذه الفترة كانت هناك امبراطورتين عظمتين فهناك الإمبراطورية الروسية من الشرق والامبراطورية الفرنسية من الغرب فعمل بسمارك خلال عمله كمستشار وبعد توحيد المانيا وخلال الـ(20) سنة من حكمة عمل الكثير من التحالفات الدبلوماسية مع الدول بحيث تظل المانيا موحدة ولا تدخل في الحروب الدولية ولكن فيلهلم الثاني لم تكن لديه نفس حكمه بسمارك وفي يوم 28 يونيو  1914حدثت احداث في صربيا حيث قام القومي الصرب البوسني اليوغسلافيوي غافريلو برينسيب باغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانز فرديناند مع زوجته في سراييفو، ما أدى إلى نشوب أزمة يوليو. وفي 23 يوليو، أصدرت النمسا-المجر إنذارا نهائيا إلى صربيا. وسرعان ما استقطبت التحالفات المتشابكة جميع القوى الأوروبية الرئيسية مع الإمبراطوريات الاستعمارية الخاصة بها، وأدت الى افتعال واشتعال فتيل الحرب العالمية الاولى والتي دخلت فيها المانيا ضد دولتين وهما (فرنسا، روسيا) فتم اعلان الحرب في نهاية يوليو وفي بعض الاماكن في بداية أغسطس وفي بافاريا أعلن في نفس هذا اليوم 2 أغسطس 1914 وكانت الجماهير تحتفل بإعلان الحرب لأنها حسب فهمهم تمثل عنوان البطولة والشجاعة فكان غالبية الشباب متحمس للحرب ومن هؤلاء الشباب المتحمس هو (أدولف هتلر / 20 أبريل 1889 - 30 أبريل 1945) وكان في عمر الـ25 سنة ورغم انه نمساوي الا انه انتقل وعاش في بافاريا واحتفل بإعلان الحرب العالمية الاولى.

الحرب لم تكن كما يتصورها البعض فترة وتنتهي بل اصبحت فترة الحرب طويلة فكان الجنود يعيشون ايامهم وشهورهم في الخنادق فالحرب كانت جدا دامية وعنيفة ومات فيها الملايين ومنهم من استخدمت ضدهم الغازات السامة مما اصاب الكثيرين منهم بالعمى وواحد من الجنود الذين اصيبوا بالغازات كان (أدولف هتلر) وكان شجاعا في الحرب وحصل على اعلى وسام للشجاعة من الجيش الالماني.

في 1917 أنهت ثورة فبراير البلشفية في روسيا الحكم الاستبدادي القيصري وجاءت بالحكومة المؤقتة، وفي أبريل 1918 وقعت روسيا على معاهدة (برست ليتوفسك) مع القوى المركزية لتخرج من الحرب وعليه تخلت عن ثلث مساحتها بمعنى ثلث اقتصادها لألمانيا، وبعد غرق سبع سفن تجارية أمريكية بواسطة غواصات ألمانية، والكشف عن أن الألمان كانوا يحاولون تحريض المكسيك على شن حرب على الولايات المتحدة، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا في 6 أبريل 1917 و(مليون جندي امريكي) يقلب المعادلة في الحرب لتكون بداية خسارة المانيا، وفي 28 سبتمبر 1918، طلب قادة الجيش الألماني الهدنة وفي 4 نوفمبر 1918 وافقت الإمبراطورية النمساوية المجرية على هدنة فيلا غوستي. ومع حدوث ثورة في الداخل وعدم رغبة الجيش في الاستمرار بالقتال، تخلى القيصر فيلهلم عن العرش الألماني في 9 نوفمبر 1918، كما وقعت ألمانيا أيضًا هدنة في 11 نوفمبر 1918. ومع صدمه خسارة الحرب بدأت تظهر اسطورة تسمى (الطعن في الظهر) وهي ان الجيش الالماني لم يخسر الحرب بل طعن في الظهر من قبل اليهود والبلاشفة الذين أسهموا في سقوط الملكية في المانيا وفي الناهية ستكون أحد اسباب ظهور النازية.

أ. فاضل زين الدين

أسطورة الطعنة في الظهر:

الطعنة في الظهر أو بالألمانية (دولشتوسليغنده) فالعسكر عندما شعروا ان هناك سخط كبير بسبب الاستسلام الالماني او الانسحاب الالماني ارادوا ان ينسحبوا ويتركوا مسالة الطعنه في الظهر وتحمل مسئولية الهزيمة الى من يأتي بعدهم أيا يكن من يأتي وفعلا وقعت في راس اول مستشار بعد الحرب العالمية الاولى وهو فيليب شايدمان (26 يوليو 1865-29 نوفمبر 1939)، فبعد سقوط القيصر خرج مع مجموعة من الديمقراطيين الاشتراكيين وتجمعوا، ماذا نفعل الان هل نكون ملكية دستورية هل نعيد حكم القيصر هل نكون جمهورية؟ فتبادر الى اسماعهم ان البلاشفة قد اجتمعوا ليعلنو دولة فاصبح الموضوع تنافس في الاعلان اولاً وفعلا سبق الجميع فيليب شايدمان وخرج من احدى الشفرات وقال لقد اعلنا الجمهورية ومند اللحظة التي اعلن فيها الجمهورية ولدت فيها مشاكل لا حصر لها.

أولا: تحملوا مسئولية هزيمة الحرب العالمية الأولى وذلك نتيجة، تخطيط العسكر، تخطيط السياسيين لم ينجح فتحملوا المسئولية فماذا حدث؟ عندما ارادوا ان يحصلوا على سلام مشرف قالوا نحن نستسلم ولكن نريد سلاما مشرفا فبادر الرئيس الامريكي ويسلون وطرح فكرة peace without victory "سلام من غير انتصار " وطرح نقاطه الــ14 وذلك للسلام العالمي وتكون نتيجة مقبولة للجميع لأنهم كانوا يعلمون ان النسق الدولي القديم يقول "ويلا للمغلوب" لأنه إذا دولة انتصرت على دولة أخرى راح تكسر ظهرها وتنهب مواردها وتقضي على اقتصادها فالألمان كانوا خائفين من هذه الفكرة اننا نحاسب بنظرية "ويلا - للمغلوب"، ولكن حانت الحقيقة! ففي يناير 1919 عقد في باريس مؤتمر للسلام شاركت فيه كل الدول التي شاركت في الحرب باستثناء المنهزمين مثل المانيا/بلغاريا/النمسا وتركيا بالإضافة الى الشيوعية وقد شاركت فيه ما يقارب 27 دولة وهناك اربع دول كبار  وهم أمريكا/فرنسا/بريطانيا وإيطاليا اجتمعوا لصياغة معاهدة سلام فجعتموه بعدد 145 اجتماع على مدى 6 اشهر وكانت هناك خلافات شديدة بينهم حتى ان مبعوث إيطاليا خرج من الاجتماع فقد رأى المبعوث الأمريكي ان تكون هناك رحمه ومعاملة سلام ونسق دبلوماسي مع المانيا ورأى مبعوث بريطانيا ان نتقاسم أملاك المانيا وندمر القواعد البحرية التي تنافسنا ولكن نحافظ على المانيا قوية لتكون حائط صد ضد البلاشفة ولكي لا تكون فرنسا قوية وكان مبعوث فرنسا اكثرهم حنكه واصر ان يذل المانيا اذلال لم تعهده من قبل واول عمليات الاذلال هو احضار الالمان الى قصر فرساي بقاعة المرايا واعطاهم اتفاقية فرساي التي تمت من طرف واحد وعليه ليس لكم الحق في مناقشتها وهي بالأحرى إملاءات وهذه الاتفاقية عندما وقعت، الجميع في المانيا بلا استثناء استاء منها حتى الذين وقعوها فالمستشار الألماني فيليب شايدمان ظهر في خطاب في قاعة البرلمان وقال فالتقطع اليد التي توقع هذه المعاهدة واستقال والرئيس الألماني كبيبرت قال ان هذه المعاهدة لا يمكن لاحد ان يقبل بها فهي معاهدة مذله واليمين عندما أراد ان يصعد في المانيا في كل خطاباته يتحدث عن معاهدة فرساي واليسار عندما أراد ان يطيح بالحكومة الاشتراكية أيضا يعزف على وتر فرساي فلماذا هذه المعاهدة مذلة؟ لنرى بعض بنودها:

1- تم اقتطاع اوصال الجسم الألماني لصالح المشاركين في الحرب فقد تم التنازل والجلاء عن الأراضي الفرنسية والروسية والبلجيكية والصربية والرومانية والجبل الاسود، تشيكوسلوفاكيا، وبولندا، وإعادة النظر في الحدود الإيطالية وإعطاء صربيا منفذا إلى البحر وإقامة علاقات جديدة بين دول البلقان كافة مبنية على أسس قومية وتاريخية وهو ما اعتبرها الالمان اذلال كبير.
2- منح الجميع حق تقرير المصير  .. باستثناء النمسا لأنهم لا يريدون ان تندمج النمسا وألمانيا.
3- ان المسئول عن الحرب هي المانيا ويجب تسليم القيصر لمحاكمته كمجرم حرب.
4- تقليص الجيش الى 100 ألف جندي وعدم السماح لألمانيا بامتلاك سلاح جوي وغيرها وتدمير البحرية الألمانية والسماح لقطع صغيرة فقط وتحديدهم ب 15 الف عنصر فقط وتم تغيير مسمى الجيش الامبراطوري الألماني الى الجيش الوطني الألماني.
5- أجبرت ألمانيا حسب المعاهدة على دفع تعويضات حربية هائلة تقدر 132 مليار مارك او ما يعادلها من موارد، و خسرت نحو 57% من مناجم الفحم، و30% من مناجم الحديد.

هذه التعويضات الحربية ارهقت المانيا اقتصاديا وأدى الى عجز وانتشار البطالة وبالتالي امتنعت المانيا عن تسليم التعويضات سنة 1923 بسبب الوضع الاقتصادي وهو ما أدى لقيام فرنسا باحتلال منطقة الرور وهي قلب الصناعة الألمانية وهو ما أدى بالتالي الى انهيار المانيا كليا لدرجة ان المارك الألماني انهار واصبح قصاصات العاب للأطفال ووصل سعر 1 دولار أمريكي = 4 مليار مارك الماني وعليه أصبحت بلا قيمة حتى ان الناس في الشتاء كانوا يحرقون الأموال من اجل التدفئة وفي سنة 1924 وصل قيمة المارك الألماني الى 1 دولار = 5 ترليون مارك الماني فكان عدد سلتين من العملة تسلم لتحصل على قطعة خضار واحدة وهذا ما جعل الالمان يشعرون بالإذلال وهو ما عزفت عليه القوى اليمينية واحدى المشاكل التي واجهت الجمهورية الجديدة جمهورية فايمار(1918-1933) بالإضافة الى الانقلابات المستمرة وكان دور الجيش هو التفرج والذين يتدخلون هم الشعب والطبقة العمالية عبر الإضرابات وقد قامت في ميونخ ثورة شيوعية وانشئوا بافاريا الشيوعية ولكن تم القضاء عليها وهذه الثورة كان قادتها 7 وخمسة من هؤلاء القادة كانت ديانتهم اليهودية لذلك تم الربط كثيرا بين اليهودية والشيوعية وهذه الثورة أدت الى ظهور (هتلر).

د. محمد الجمري

بافاريا اليمينية وقيام الحزب النازي:

هذه الثورة في بافاريا تم قمعها من قبل الجيش الذي لم يتحرك من تلقاء نفسه بل الحكومة الاشتراكية هي من اوعزت للجيش بقمع هذه الثورة ولدينا جبهتين اشتراكيتين الشيوعيين والاشتراكيين فالاشتراكيين قمعوا الشيوعيين خوفا من تكرار السيناريو الروسي في روسيا حينما وصل الشيوعيين الى السلطة فقمعوا كل من وقف امامهم فكان هناك خوف من تكرار نفس السيناريو في المانيا وباقي الدول الأوربية لذا جاء هذا القمع شديدا جدا ودموي وكان للجيش دور حتى بعد قمع الثورة بمراقبة كل نشاط اشتراكي او شيوعي فكان يرسل العيون والمخابرات لمراقبة كل اجتماع وقد كان أحد مباحث الجيش هو (أدولف هتلر) الذي لقدرته الخطابية تم تحويله من طالب الى مدرس في الجيش وخلال عمله الاستخباري حضر اجتماع لحزب يسمى حزب العمال الالماني وخلال مراقبته لخطابات هذا الحزب استفزه احد الحضور الذين دعوا الى انفصال بافاريا عن المانيا فستفزت هذه الفكرة هلتر الذي كان يعتقد ان الشعب الالماني ليس فقط في المانيا بل في جميع الدول الأوربية يجب ان يتحد في دولة واحدة وردا على هذا الشخص القى هتلر  خطبة قوية جعلت كل الموجودين يعجبون بخطابة وعليه طلبوا منه الانضمام لحزبهم فقام هتلر باستشارة الجيش بالانضمام لحزبهم فوافقوا على ذلك وعليه انظم هتلر الى هذا الحزب واصبح العضو رقم (55) فهو حزب صغير ولم يكن يحضر اجتماعاته اكثر من 7 اشخاص بما فيهم هتلر لكن تميز هتلر عن البقية بان لديه قدرات خطابية ودائما ما تكون بسيطة وسهله الفهم وحماسية وكان يتبنى نظرة مشابهة لنظرة جوستاف لوبون صاحب كتاب سيكولوجية الجماهير  فهو يخاطب الجماهير ليس بالعقل بل بالعاطفة ويلامس في خطاباته ما يريده الجماهير وعليه اصبح الحزب من خلاله بالألاف ووضع هتلر شعار للحزب وكان قائدا له وغير اسم الحزب من الحزب العمال الألماني الى حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني واسس هتلر في الحزب مبدا القائد الأوحد وفي تلك الفترة كان لكل حزب مليشيات تابعة له  ومهمتها قمع وتقوية الجهة التابعة وإرهاب الخصوم وتامين التجمعات مثلا في وقت من الأوقات هتلر كان يلقي خطاباتهم وهاجمه احد من افراد مليشيات الحزب الشيوعي وعليه أنشئ هتلر مليشيات خاصة بحزبه واسمها "SA" قوات العاصفة لتقوم بالهجوم على خصوم حزبه فالعنف السياسي كان موجود بكثرة في المانيا.

في أوروبا بشكل عام كان هناك ارتفاع لحركات اليمين فمثلا في إيطاليا وصل للسطلة زعيم الفاشية موسليني في سنة 1922 هذه الخطوة أعطت إلهام لكل الحركات في أوروبا وانه من الممكن الوصول الى السلطة عن طريق الثورة على الحكومة واسقاطها وعليه بالتأكيد وصل الالهام للحركة النازية في المانيا.

أ. فاضل زين الدين

تقليد تجربة إيطاليا بالنسبة للحزب النازي:

واحدة من الأخطاء التي يقع فيها السياسيون هي محاولة تقليد تجربة أخرى فيرى ان هناك تجربة ناجحة في بعض البلدان فيقوم باستيرادها ولكن ليس بالضرورة تنجح فالخصوصية تختلف والظروف السياسية تختلف، واحدة من الأشياء التي قام بفعلها هتلر هي محاولة محاكاة الزحف الفاشي بقيادة محاولة انقلابية فاشلة نفذها هتلر مع (8) من القادة السياسيين للحزب النازي من أجل الاستيلاء على السلطة في بافاريا وألمانيا، ابتدأت المحاولة الانقلابية في مساء يوم 8 نوفمبر حتى ظهيرة يوم 9 نوفمبر عام 1923،  حيث قام هتلر مع وحدات النخبة النازية "SS" التابعة للحزب النازي باقتحام اجتماع سياسي يرأسه رئيس وزار بافاريا فون كار  في Bürgerbräukeller ؛ وهو أحد الأندية التي كانت تنتشر في جنوب ألمانيا بالمدن الكبرى في بدايات القرن العشرين والتي كان يقصدها الآلاف من الزوار - للتباحث في الأمور الاجتماعية والسياسية التي تهمهم. وتحت تهديد السلاح – خطب هتلر قائلا "لقد بدات الثورة الوطنية" لا تحاولوا الهرب أيها السادة فقوات الصاعقة تحتل المكان ولقد اسقطنا حكومة بافاريا وحكومة الرايخ والجيش والشرطة معنا والآن يحتلون برلين وطلب من كل من كار والمؤسسة العسكرية المحلية بدعمه من أجل الإطاحة بحكومة برلين. ولكن، كار سحب دعمه وفر هاربًا لينضم إلى المعارضين لهتلر في أول فرصة سنحت له. وفي اليوم التالي وبعد فرار كار اقترح لودندورف على هتلر الزحف في مسيرة من هذا النادي إلى وزارة الحرب البافارية للإطاحة بالحكومة البافارية في بداية "مسيرة برلين"، وقد تصدت الشرطة ونجحت قوات الشرطة في تشتيت شملهم بطلقة رصاصة لا أحد يعلم مصدرها. وأسفرت هذه المسيرة عن مصرع ستة عشر عضوًا من أعضاء حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني وبقي شخص واحد فقط امام سيل إطلاق الرصاص وهو لودندورف وهو المؤمن بعقيدته العسكرية وتقدم ليصل الى ساحة لادن بلاس لوحده ونظر حوله فلم يجد احد من النازيين الذين كانوا بين قتيل وجريح وفار ، وعليه قامت الحكومة بالقبض على قادة الانقلاب ومنهم هتلر و لودندورف وكانت المحاكمة مهزلة بكل ما تعني الكلمة فقد سمح لهتلر بان يخطب كما يريد وان يبرز نفسه امام وسائل الاعلام الأجنبية فمثلا عندما وجهت له تهمة القيام بانقلاب والخيانة العظمى فكيف ترد؟ فرد بخطابات لمدة (4) ساعات دون ان يقاطعه القاضي لان أساسا القضاة لديهم تعليمات بالسماح لهتلر بالكلام وعدم إيقافه وأيضا السماح له بحكم مخفف (5) سنوات رغم انه متهم بالخيانة العظمى وسجن في سجن VIP   بقلعة لانسورغ الجميلة وكان يستقبل الناس وقتما يشاء وفي السجن كتب هتلر كتابه الشهير (كفاحي)، ولكن الحزب النازي تعرض لنكسه كبيرة فقد منع هتلر  من اكثر شيء يبرع فيه وهو الخطابة للجماهير لمدة (3) سنوات ورجع للخطابة سنة 1927وايضا أغلقت صحيفة الحزب النازي وهي صحيفة يومية ناطقة بلسان الحزب أطلق عليها اسم (فولكشاير بيوباختر) فاصبح من غير منصة إعلامية وكذلك منع أعضاء الحزب النازي من العمل السياسي فتعرض الحزب النازي نكسه وفوق هذا اصبح الحزب اضحوكة واستهزاء المانيا وعلى طريقته بالاستيلاء على السلطة وفوق هذا واحدة من الأسباب التي أدت الى انحدار الحزب اكثر هو تحسن الاقتصاد الألماني خاصة وان الحزب كان يقتات على الازمات خاصة بعد خطة الولايات المتحدة الامريكية لانعاش الاقتصاد الالماني.

د. محمد الجمري

عودة النازية والاستحواذ على السلطة:
الاقتصاد الألماني تحسن واصبح دخل الفرد الألماني جيدا ولكنه كان معتمدا على أمريكا بالدرجة الأساسية فأمريكا تعطي المانيا قروض طويلة الأمد وألمانيا تدفعها للحلفاء والحلفاء تدفعها لأمريكا مقابل ما استخدموه من أسلحة فعندنا مثلث كل جهة تدعم الأخرى، بعد خروج هتلر من السجن أعاد تأسيس الحزب من الصفر وجمع مساعديه خلال هذه الفترة ونجحوا في ان ينتشرون في أماكن مختلف من المانيا خاصة الشمال وبدئوا في الدخول في كل مفاصل الدولة وشكلوا ما يشبه الدولة داخل الدولة ولكن رغم ذلك تحسن الوضع الاقتصادي لم يسمح لهم بكسب الأصوات فكانت انتخابات 1928 حيث حصل الحزب النازي على أصوات 2.6 % فقط وعليه حصلوا على 12 مقعد في البرلمان الذي يضم 491 مقعد! وبعدها في 1929 حصل ما لم يكن بالحسبان فتقع أكبر ازمة مالية في العالم وينهار الاقتصاد الأمريكي وتفلس المصارف وعليه قامت المصارف باسترداد الديون لتسد العجز  وهنا اضطرت المانيا للدفع لأمريكا وهو ما أدى الى كساد في المانيا وانتشار البطالة وكان وضعهم الوضع الأسوأ في العالم وأصبحت البطالة بالملايين وعليه انهارت الحكومة وهي اخر حكومة ديمقراطية في المانيا وبعدها لم تكون هناك حكومة غالبية حيث تدخل الرئيس باول فون هيندنبرغ (1847-1934) الذي كانت فترة رئاسته لألمانيا (1925-1934) بإعلان حكومة الطوارئ وعين المستشار هاينريش برونينغ (26 نوفمبر 1885-30 مارس 1970). الذي تولى منصب المستشار في جمهورية فايمار من 30 مارس 1930 إلى 30 مايو 1932. وهو اول مستشار بالمراسيم فقط ولا يملك اغلبية برلمانية، تحرك لحل المشكلة الاقتصادية فعمل أخطاء كثيرة مثل انقاص موازنة الدولة والذهاب للتقشف الشديد فاصبح مكروه من قبل الجميع ويلقب بمستشار الجوع وكان احد قراراته الخاطئة تقسيم الأراضي الكبيرة في شرق روسيا واحد ملاك الأراضي هو الرئيس هيندنبرغ الذي عينه فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير وعليه اسقطه الرئيس وقبل اسقاطه دعا برونينغ الى انتخابات جديدة وفي الانتخابات استغل الحزب النازي عبر مسئول الدعاية في الحزب باول يوزف غوبلز (29 أكتوبر 1897 – 1 مايو 1945) فارتفعت نسبة أصوات الحزب النازي من 2.6% الى 18.25% وذلك من خلال سنتين بين الانتخابات الأولى والثانية في سنة 1930 فكان الحزب يقتات على الازمات.

في سنة 1932 انتهت ولاية الرئيس هيندنبرغ وكان ممثلا لليمين ودخل الانتخابات الرئاسية مره أخرى مترشحا ضد أدولف هتلر  وانتقل هيندنبرغ من اليمين لليسار  وهتلر كان مرشح اليمين واستخدم هتلر وسيلة جديدة للدعاية وهي الذهاب لكل مدينة بالطائرة والقاء ما لا يقل عن 6 خطابات يوميا ولكن انتصر  هيندنبرغ بفارق بسيط عن هتلر فكانت نسبته 46% وحصل هتلر على نسبة 30% وعليه أقيمت انتخابات الجولة الثانية وحصل هتلر على 36% ورغم خسارة هتلر ولكنه زاد رصيدة الشعبي وشعبية الحزب النازي، عين الرئيس هيندنبرغ مستشارا جديدا وهو صديقه فرانز بابن وأقيمت انتخابات جديدة في نوفمبر 1932 وفاز الحزب النازي بأعلى الأصوات وحصل على نسبة 33% من مقاعد البرلمان وبسبب ضعف حكومة بابن صوت اقصى اليمين واقص اليسار وهما الشيوعيين والنازيين على اسقاط الحكومة وعليه عين الرئيس هيندنبرغ مستشارا جديدا وهو كورت فون شلايشر (7 أبريل 1882-30 يونيو 1934) ولكنه سقط اسرع من بابن وعليه أقيمت اجتماعات سرية بين بابن وشلايشر واخرين واجمعوا ان افضل حل هو تعيين هتلر مستشارا ولكن على ان يتحكمون في الدولة وعليه قدم الرئيس هيندنبرغ المانيا النازية على طبق من ذهب الى هتلر سنة 1933.

أ. فاضل زين الدين

الغاء منصب الرئيس وهتلر الرئيس الاوحد:

في مثل هذا اليوم 2 أغسطس 1934 توفي الرئيس هيندنبرغ وبعد 17 يوم من حاله الحداد على الرئيس هيندنبرغ خرج هتلر  يقول انا اخطط لدمج مكتب الرئيس مع مكتب المستشار  وعليه يلغي منصب الرئيس فطلب منه ان يطرح الامر للاستفتاء الشعبي وفي تلك الفترة كانت كل مفاصل الدولة تحت تصرف الحزب النازي وعندما بدا الاقتراع على دمج المكتبين حدث ما لم يكن متوقعا فصوت 96% بالموافقة على دمج مكتب الرئيس بمكتب المستشار  ليصبح هتلر الرئيس الأوحد لألمانيا.

من خلال هذه المحاضرة اريد ان ألخص بشكل سريع الأسباب التي ذكرناها:

1- الحزب كان يعتمد على عدد من الأشياء فقد وجد في ازمة فرساي فرصة من اجل الوصول الى السلطة وظل يعزف على هذا الامر بسبب حسابات خاطئة بأنهم منتصرون فبالتالي كانت خطابات هتلر القوية وشخصيته وكرازمتيها لها دور كبير في الوصول الى السطلة وان يتوسع الحزب.

2- حسابات السياسيين الخاطئة فالسياسيين يتنافسون مع بعضهم وبالتالي وصل هتلر الى سده الحكم.

3- الجيش كان له دور سلبي في الجمهورية واللحظة التي أقيمت كان يدعم اليمين بالأسلحة سرا وكان يدعم اليمين والنازية بشكل خاص.

4- الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد وجيوش العاطلين عن العمل التي تقدر بالملايين أدت الى حالة سياسية فريدة من نوعها نستطيع ان نسميها التصويت الاحتجاجي، فجزء كبير من الذين صوتوا كانوا يؤمنون بإيصال صوتهم محتجين على الظروف الاقتصادية الصعبة.

5- الرئيس هيندنبرغ توفي في الوقت المناسب فجاء هتلر ليتسلم السلطة ويدمج المكتبين ويصبح هو السيد الأوحد.

*النهاية*



هذه هي التغطية الثانية لي حيث كانت الأولى في نفس الشهر من العام الماضي بعنوان "الحشاشون"  من تقديم أ. فاضل زين الدين وعنونتها بهذا العنوان " زين الدين: تسمية الحشاشون جاءت من الغربيين ليفسروا السلوك الغريب لعمليات الاغتيال" الوصلة في الأسفل

https://gr-feather.blogspot.com/2018/08/blog-post.html





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...