كتاب مدافع آيات
الله
بقلم
أبو محمد 29 يوليو 2019
محمد حسنين هيكل كاتب وصحفي مخضرم وغني عن التعريف تمتاز
شخصيته بالمقبولية عند جميع الأطراف لذا فهو على تماس مع كل أصحاب النفوذ وهذا ما
جعل لكتاباته ذات قيمة أكبر، يعرض الكتاب تسلسل تاريخي لأنظمة الحكم في ايران مند
الحرب العالمية الأولى وصولا لما بعد الثورة وكثير من فصول الكتاب عبارة عن
مشاهدات وحوارات وتقارير صحفية لم تغب عنها لغة الأرقام والأدلة، عنوان الكتاب
يشير الى الثورة وظروفها بشكل خاص ولكن الكتاب يتحدث بشكل أوسع في مجال نظام الحكم
والتحولات والتغيرات في رجالات والتحالفات العالمية والتجربة الشخصية لمؤلفة وليس
عن عمق الثورة، المؤلف لديه كتاب اخر عن إيران صدر سنة 1951 واسمه "ايران فوق
البركان".
يقول هيكل عن الخميني "هو رجل لا علاقة له بزماننا
ولا بالأفكار المؤثرة والفاعلة فيه، هو كرصاصة انطلقت من القرن السابع عشر واستقرت
في قلب القرن العشرين"
هو " شخصية نت شخصيات الفتنة الكبرى في الإسلام،
عادت الى الحياة بمعجزة لتقود معسكر (علي) بعد انتصار الامويين وبعد مصارع الشهداء
من ال البيت" جاء في " عصر الصراع بين الشيوعية والرأسمالية والسباق على
الأسلحة النووية والمنافسة على الفضاء وفض اسرار الخلايا الجينية والتحكم في
الاليكترونات"
ويشير هيكل أن الثورة الإيرانية ليست كالثورات السابقة
فهي قد وجدتني مدهوشا بدراما الثورة الايرانية
يبدأ هيكل بطرح
أسالته
متى تحافظ الثورة على طريقها.. ومتى يضيع منها الطريق؟..
وإذا أكلت الثورة أبناءها، أو أكلها أبناؤها فمن الذى يضع الأساس الجديد ومتى
وكيف؟.. ومتى تنتقل الدول من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية؟
قدم هيكل هذا السؤال للسيد الخميني في لقائه بفرنسا
"إذا استعملت تعبيراً عسكريا لتصوير الوضع الآن، فإنني أظن أنك بسلاح الدين
تستطيع أن تقوم بدور المدفعية البعيدة المدى وأن تهدم نظام الشاه فوق رؤوس أصحابه.
لكن ذلك لا يحقق النصر. تحقيق النصر فى الثورة كما فى الحرب يحقق بالمشاة الذين
يحتلون المواقع ويتولون تطهيرها ويتحملون مسئولية المحافظة عليها. إننى أسمع دوى مدافعك،
ولكنى حتى الآن لا أرى أثراً لمشاتك أن المشاة فى الثورة هم الكوادر السياسية، وهم
جماعات الفنيين والخبراء القادرون على تنفيذ مهام الثورة وبرامجها".
هيكل ذكر مجموعة
تناقضات في الثورة الايرانية
التناقض بين رجال الدين ورجال السياسة، التناقض بين فكرة
الدين وفكرة الوطنية، التناقض بين الواقع الجديد فى إيران وبين الواقع الإقليمي،
التناقض بين الأحلام والحقائق، التناقض بين الجماعات الثورية وبين المؤسسات
الدائمة.
يشير هكيل أن "كل ثورة تواجه سلسلة عقبات: تعيش
مرحلة الاندفاع، مرحلة الحقيقة، رؤيتها أو الارتطام بها"
قصة السفارة
الامريكية
يروي هيكل قصة السفارة الامريكية أنها بدأت من خلال عميل
أسمه (حافظ) تواصلت معه السلطات الثورية سرا ووعدته بالأمان اذا قام بمهمة تسريب
الوثائق من السفارة الأمريكية ووصلة هذه البرقيات الى مكتب وزير الداخلية في تلك
الفترة (هاشمي رفسنجاني) وكانت هذه المعلومات هي التي أدت الى احتلال الطلبة
السفارة في نوفمبر 1979 والتي بينت ان ذهاب الشاه الى أمريكا بداعي انساني كان
مخطط له قبل سنوات من قبل الإدارة الامريكية وان الطلبة اعدوا الخطة للاستيلاء على
السفارة بعد التفاصيل التي قدمها (حافظ) بخصوص كل شبر في السفارة ومكان الوثائق
الأخرى وخلال ثلاث ساعات احتلت السفارة بالكامل ورغم ان آلات فرم الأوراق تعمل
بشكل مستمر وحرق البعض الاخر ولكن دون
جدوى فقد حصل المقتحمون على وثائق كثيرة، والمفارقة أن كل تلك الاحداث كانت في
شارع كان يسمى سابقا فرانكلين روزفلت وحاليا باسم السيد محمود طالقاني.
حسب هيكل أن الشباب المحاصر للسفارة لا زالت تسيطر عليهم
ذكريات عام 1953 وعملية "آجاكس" والتي قام بها بصورة مشتركة الامريكان
والبريطانيون وشاه إيران ضد حكومة مصدق.
هيكل ذكر ان فريق الطلبة المحاصر للسفارة كان منظما جدا
فهناك توزيع للمهام بين تزويد الرهائن من المؤن المعدة في السفارة للبقاء فيها لـ5
سنوات وفريق تولى مسئولية الاعلام وإصدار البلاغات والبيانات وفريق اللجنة
السياسية الذي يتواصل مع المجلس الثوري.
بداية التوغل
الأمريكي في إيران
تحدث هيكل عن التوغل الأمريكي في إيران في سرد تاريخي بعد
معركة بيرل هاربر وهجوم اليابان على القاعدة الامريكية وإعلان أمريكا دخول الحرب العالمية
الثانية فقد استفادت أمريكا من كره الشعب والحكومة الإيرانية والتجربة الغير مريحة
مع الروس والانجليز في زيادة نفوذهم خاصة للموارد الضخمة النفطية لإيران وهو لب
الصراع الأمريكي/الروسي على إيران وأيضا الموقع الجغرافي المتميز لها بالإضافة لتوافق
الرؤية الشاهية والأمريكية في التعاون التام.
عن التوغل الأمريكي في ايران ذكر هيكل ان هناك اكثر من
60 الف خبير ورجل اعمال امريكي في ايران وان حجم التبادل التجاري مع أمريكا وصل
الى 400 مليون دولار سنويا.
فترة حكومة
مصدق
تحدث عن تعاون مصدق وكاشاني في قضية تأميم النفط ووصول
مصدق الى رئاسة الوزراء ومن ثم الانقلاب عليه عبر عملية "آجاكس" في
أغسطس 1952، وعن اختباء مصدق في منزل أحد اقربائه وتسليم نفسه بعد سماعه بالأمر
بالقبض عليه وتم إزالة منزلة بالجرافات في طهران واعدام حسين فاطمي وزير خارجية
مصدق الذي ذكره هيكل بانه مفكر مثالي وبالغ العداوة للشيوعية وللغرب بنفس الدرجة حيث
أعدم في الشارع.
بين هيكل تفاصيل بعض عملية اجاكس وكيف سيطرت بعد ذلك
المخابرات الامريكية على كل مفاصل الحياة في ايران وخاصة الجهات الأمنية منها
وانشاء السافاك والتعاون بينه وبين الموساد الإسرائيلي وارسال 15 الف ضابط إيراني
للتدريب في أمريكا.
حسب هيكل الخميني قال " لقد ارتكب كاشاني بعض
الأخطاء، لان هدفه كان يجب ان يكون الإسلام وليس البترول. لان كل ثمار الأرض بما
فيها البترول، تدخل في نطاق الإسلام"
الخميني قدم المساعدات لأسر ضحايا انقلاب
"مصدق" وقدم رسائل لجميع رؤساء العالم الإسلامي ولم يستجب سوى عبدالناصر
الذي ارسل مبلغ 150 الف دولار ولكن القي القبض على المبعوث في مطار طهران.
الشاه ولضرب الخميني أرسل استفتاء للمراجع في قم يسألهم
فيها عن رأيهم في زعيم شيعي مشهور على استعداد لقبول أموال من غير الشيعة؟
رد الخميني ان الأموال التي أرسلها عبدالناصر ليست مرسلة
لي بل الى لجنة المساعدات للأيتام والارامل و أنني انتهز هذه الفرصة لأعلن نهاية
"التقية".
قوام السلطنة
ولعبة امتيازات النفط
تناول هيكل بشيء من التحليل لعبة رئيس وزراء إيران آنذاك
"قوام السلطنة" مع الثلاثي بريطانيا/روسيا/أمريكا بشأن امتيازات النفط
وكيف خدع الروس للخروج من أذربيجان بحجة عمل انتخابات والانتخابات لا تكون الا
بخروج القوات الروسية ورجوع القوات الإيرانية ومن ثم يصوت مناصريكم لصالح امتيازات
النفط لروسيا وقد حدث عكس ذلك بالتمام!
احتفالات
البرسوبوليس
كلف احتفال مرور 2500 من الحكم الشاهي في مهرجان
برسوبوليس 120 مليون دولار من خزينة الدولة.
من حراك سياسي
لحراك مسلح
تحدث هيكل عن كيف تحول الحراك السياسي الى حراك السلاح
بعد القضاء على المعارضة في الانقلاب على مصدق والقضاء على كل صوت فكانت جماعتان
واحدة منها باسم مجاهدي خلق مختلطة إسلاميا ووطنيا والاخرة فدائيي خلق الماركسية
ووريثة حزب توده.
هيكل التقى بالشاه مرتين مره عند توليه الحكم ومره بعد
25 سنة وكان الشاه صريحا مع هيكل حيث ذكر ان التعاون مع إسرائيل والموساد أكثر من أمنى
فتوسع للتدريب وأكثر.
السافاك
والتعذيب
ذكر هيكل انه بعد الثورة شاهد في موقع السافاك فلم تعذيب
حقيقي لفتاة تجرد من ملابسها ثم يقوم المعذب بحرق حلمات الثدي بالسيجارة وعندما
سال لماذا صور ذلك قيل له انه لتعليم افراد السافاك طرق التعذيب.
التحول الإسلامي
بعد نكسة سنة 67
يشير هيكل ان بداية التحول للشعوب الإسلامية كان بعد
نكسة 67 حيث بدا الناس بالبحث عن الماضي وحتى كتاب كبار أمثال طه حسين وهيكل
والعقاد المتأثرين بالثقافة الغربية تحولت اهتماماتهم الى الموضوعات الإسلامية.
وأيضا من الجانب الديني قام الشيخ محمود شلتوت بتشكيل لجنة لتقليل الخلافات بين
المذاهب الإسلامية واعتبره الخميني اخر شيوخ الازهر العظام.
ذكر هيكل ان كل العوامل كانت متهيئة لسخط الناس على
الفساد والظلم الخ وكانت جاهزة لاستقبال شخص يشعل الثقاب.
هيكل يتحدث عن
الخميني
وصف هيكل معيشة الخميني البسيطة وأشار الى ان ممتلكاته
الدنيوية تنحصر في دوشك وصندوق للملابس وكتبه فقط.
وأيضا وصف كيفية التفاف كل التوجهات حوله في فرنسا وكيف
أن المستمعين له ينصتون اليه بصمت مطلق لكل كلمة تقوله شفتاه.
ومن أوائل خطوات الخميني كما يذكر هيكل هو تحييد الجيش
الذي قوامه 700 ألف عبر الخطابات الموجهة للجيش بابتعاد افراده عن الجيش واخذ
أسلحتهم معهم وعليه بدا الألاف من الهروب من الجيش وشدد الخميني على عدم مهاجمة
الجيش وقال " لا تهاجموا الجيش في صدره بل هاجموا قلبه" وعليه تمكن من
تحويل الجيش لمجرد شبح وذلك للتهيئة للثورة والمعركة النهائية مع الشاه.
وصف هيكل بشكل دقيق كل الظروف التي واجها الشاه
والاضطرابات التي كانت تتسع مع كل بيانات الخميني وكيف ادار الخميني بحكمة الثورة
وكيف التخبط في القرارات بين الشاه والامريكان، يعرج على شرح كيفية احباط الخميني
لكل التفاف للشاه على حركة الشعب
هيكل وكما هو حيادي يطرح ارقام الحكومة والمعارضة
بالنسبة للضحايا الذين يسقطون يوميا لزيادة المصداقية.
هيكل ولقائه
بازركان
هيكل وكعادته في لقاءات الشخصيات المؤثرة التقى بازركان
وحصل منه على معلومات تبين فترات التفاوض مع الخميني بشان القبول بالحلول الوسط
وكيف رفض الخميني كل حلول الوسط وقال هي خديعة بل وطلب من بازركان اعداد قائمة
بالرجال الذين يمكن الوثوق بهم للاستفادة منهم بعد النصر!
هيكل وسرد لفترة
بختيار
ويسرد هيكل وصول بختيار لمنصب رئيس الوزراء وكيف كان بختيار
والامريكان يريدون سحب البساط من الخميني بإصلاحات شكلية والتهديد انه في حال لم
يدعم الخميني بختيار فسيكون الانقلاب العسكري حتميا فرد الخميني ان حكومة بختيار
غير شرعية وهي واجهة لانقلاب عسكري وإذا حدث سنعتبره بقيادة أمريكا وسنعتبر أنفسنا
في حال حرب مع أمريكا وعليه أعلن عن تشكيل مجلس ثوري بديل عن حكومة بختيار الذي
قال عنها ان من يطيعها فكأنه يطيع الشيطان وحتى قبيلة بختيار أعلنت تبرئها من
بختيار وتأييدها للخميني.
هيكل يصف الحال
الذي وصل له الشاه
يصف هيكل كيف وصل بالشاه من الاستحقار والانهزام وكيف ان
حليفه الأمريكي لم يعطه أي قيمة ولم يستقبله وكيف بالأصدقاء مثل ملك المغرب يحاول
الابتعاد عنه وكيف ألغيت جوازاتهم فكانت حتى المكسيك صعبة عليهم للوصول اليها الى
ان وصل الامر بالملكة فرح بالاتصال بمفوضية اللاجئين في جنيف تتوسل ان تحصل لها
على جوازات سفر لها وزوجها لتتمكن من السفر الى المكسيك.
هيكل يصف فترة
انتصار الثورة
هيكل: عقدة (كربلاء والاستشهاد) هو الذي ضمن للثورة
بالنصر.
صور هيكل بشكل ساحر رجوع الامام الخميني بالطائرة وكل ما
فعله فيها كأكل الزبادي والصلاة والنوم على دوشك وكيف نظر الامام حيث وجه انتباهه
الى منظر المدينة من خلال نافذة الطائرة وبين ان الوضع وكأن الامام الغائب قد عاد
حقا بعد 1200عام.
وصور هيكل الحشود في استقبال الخميني حتى كان من الصعب
الاستمرار واستدعيت المروحية لنقله الى مقبرة الشهداء وكيف رد الخميني على اعلان
حظر التجول في قصاصة ورق نشرت على التلفزيون مكتوب فيها بخط الخميني " تحدوا
حظر التجول بعون الله".
ما بعد الانتصار
انتهى الصراع بين بين الدين والامبراطورية وأصبحت سلطة
الخميني مطلقة أكثر من الشاه.
يتحدث هيكل ان الانفلات كان وليد الأشهر الأولى من
الثورة وبخصوص التعامل مع الحرس القديم فقد قدم منهم 55 ألف للمحاكمة وأعدم منهم (350)
وسجن المئات وبرئ الالاف منهم.
وبعد ذلك ينتقل للحديث حول الوضع والتأزم الداخلي بين
التيار العلماني والديني مرورا بالحرب العراقية/الإيرانية الى وضع الخليج بعد
الشاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق