اختلاف العلماء والقدح بعضهم ببعض
بقلم أبومحمد
29/3/2018
اختلاف الفقهاء
أحد الأصدقاء والاخوة في احدى مجموعات الواتساب طرح فيها موضوع اختلاف
العلماء والقدح بعضهم ببعض وذكر أحد السادة بالخصوص وهو شخصية كان لها دور كبير في
التصدي للمخالفين في قناة الكوثر الفضائية وقد أوردت له رد مفصل بمقدمة طرحت فيها
سؤالين وتوسعت في طرح الاختلافات في الجانب العلماني لميلانه للعلمانية الغربية.
أود الإجابة على تساؤلك عبر طرح سؤالين وهما: هل الاختلاف بين العلماء
والمفكرين موجود في مذهب او دين او حضارة معينة؟ وهل هو موجود فقط لدى علماء الدين
ام المفكرين أيضا؟ومنها اجيب بعد ذلك عن موضوع السيد موضوع الطرح.
الاختلاف والتصادم بين العلماء والمفكرين موجود منذ الازل وله تاريخ طويل
ويشمل كل الاتجاهات والديانات، تخف الحده تارة وتزيد تارة أخرى وفي بعض الأحيان
الاختلاف يكون بين ديانة وديانة وبين منهج ومنهج وبين داخل المنهج الواحد وبعض
الأحيان يصل الاختلاف بين التلميذ واستاذه! لذا هي مسالة موجودة وليست انفراد في
جهة معينة وهنا استعرض امثلة بين الاختلاف والتصادم بين المناهج وبين داخل المنهج
الواحد وبين التلميذ واستاذه والعكس وسأسترسل بمثال للفلاسفة بعصر التنوير لميلك
لهم:
أولاً: بين المناهج:
في المسيحية: تحديداً عصر التنوير والعقل في نهاية القرن السابع عشر حكمت
الكنيسة على الفيلسوف السويسري جان جاك روسو (بالاعدام) لكتابة كتاب "العقد
الاجتماعي" و كتاب "إميل" واتهم بالهرطقة، فالاختلاف وصل للقتل.
في مذهب الاخوةالسنة: هناك (4) أئمة "الشافعي، الحنبلي، المالكي،
الحنبلي" وصل الاختلاف في بعض المسائل لحد تكفير البعض الاخر والتكفير يصل
أيضا للقتل.
في مذهب الشيعة الاثني عشرية: كان هناك صدام بين المنهجين والمدرستين
الإخبارية والاصولية وصل تصادم المنهجين لتحريم الصلاة خلف صاحب ذاك المنهج كما
حصل بين الشيخ البهبهائي وصاحب الحدائق.
ثانياً: بين داخل المنهج او المدرسة الواحدة او بين التلميذ واستاذه:
الفلاسفة الاغريقين : الاختلاف بين سقراط نظرية (التعددية) وبين تلميذه
افلاطون نظرية (المثالية) وبين أرسطو نظرية (المنطق والواقعية) وبين استاذه
أفلاطون حيث كل فيلسوف يسفه ولا يقبل نظريات الاخر.
فلاسفة عصر التنوير عصر العقل في نهاية القرن السابع عشر:
الفيلسوف جان جاك روسو والفيلسوف فولتير
حيث كانت البداية الحب المتبادل بينهما وتسمية روسو ومناداته لفولتير
بأستاذه وفي احدى رسائله لفولتير قال له " ظللت 15 عام أكدح لأكون جديراً
باحترامك .. الخ خادمك المطيع جداً روسو. وبعد الاختلاف والعدائية التي ظلت حتى
مماتهم واليك بعض الاسطر حول ذلك:
حرض "روسو" على " فولتير" حين وصل لجنيف مسقط راس روسو
لعدم عرض مسرحياته هناك وذكر له " أتدخل مدينة اشتهرت بأخلاقها الكلفانية
وانت في كل مكان تمجد الفساد الخلقي والجنس وكثيرا ما تهزا بالفضيلة وكل الناس
يعرفون ذلك وان ممثليك على خشبة المسرح يعيشون حياة العربدة والفساد وهم مضرب
الامثال بالجنس وبؤرة الفساد الخلقي والمجتمعي وهذا يؤثر على مدينة صغيرة كجنيف لا
يسكنها أكثر من 14 ألف نسمة فان هذه السموم تتغلغل في جميع الطبقات هناك".
(اعتبرت جماعة الفلاسفة هذا الخطاب انه خيانة لهم). وبعد خطاب روسو تم منع أي
مسرحية لفولتير في جنيف بأمر القضاة هناك.
فرد (فولتير): وقال روسو "مارق" واسماه انه "يهودا"
جماعة الفلاسفة، يهوذا الشخص الذي خان السيد المسيح.
فرد (روسو): ان فولتير "مهرج" و " تعيس" وليس عنده الا
" الخزي" وانني لا احبك يا سيدي وانا باختصار "أكرهك". فرد
(فولتير): روسو "جن" وانه "قزم حقير" لا أهمية له انتفخت
اوداجه "غروراً" وانه "وقح" و "وغد" وأنك يا روسو
تابع خانع. وانت كتابك "إميل" هو خليط من الخرافات تخرف به مرضعة بلهاء
ومن المؤسف ان يكون كاتبها " وغداً" مثل روسو.
وعن حادثة زلزال لشبونة:
قال (فولتير): لماذا العناية الالاهية اختارت لشبونة وبالذات في تمام
الساعة 9:40 دقيقة حيث وقت الصلوات في الكنسية وفي مدينة كلها اتقياء
"كأثليك" ويموت فيها 100 الف انسان.
رد (روسو): انك مسكين يا فولتير لأنك تعيش في طبقة الأثرياء وان كل شيء
عندك خطا فلماذا تشكو عن الحال وانك كذلك وجه اهتمامك بنفسك وانك لم تؤمن بشيء غير
" الشيطان" لأنه الهك المزعوم وانك "خبيث" لا تلتد الا
"بالشر" *التراشق بين الفيلسوف ديفيد هيوم وبين الفيلسوف جان جاك روسو:
(روسو): اتهم صديقة والذي ساعده في الانتقال الى لندن وساعدة في المعيشة فقال عنه
اشك انك انت من تزود اعدائي بمعلومات عني.
رد (هيوم): أنت يا روسو مشرف على "الجنون" وانك "وحش".
بين التلميذ والأستاذ:
وأيضا في الجانب الشيعي ما حصل مثلاً بين تلاميذ الفيلسوف الشهيد محمد باقر
الصدر (قدس سره) بعد ما كتب أحد العلماء مقدمة في كتاب الحق المبين في معرفة
المعصومين والتي فيها نقد لاذع لأستاذه الشهيد الصدر حيث شبهة انه صاحب
"اتجاه التقاطي"! وهو ما دفع طلاب الشهيد الصدر بإصدار بيانات يطالبون
بسحب النسخة من الأسواق وحصل ذلك.
وأيضا ما حصل لأحد المراجع من وصول الامر لإصدار فتاوى الضلال واخيراً ما
يحصل من الردود المتباينة حول أبحاث السيد الفقيه صاحب الموضوع.
التعليق: الأمثلة أعلاه هي لتوضيح ان مسالة الخلاف والاختلاف موجودة في كل
موقع وكل جهة وهذا امر طبيعي والمطلوب منا نحن عدم التدخل والتداخل بين الفقهاء
وطرح المناقشات وتركها لأصحاب الاختصاص فقط، فدخول كل غير مختص وغير صاحب وزن؛ لا
يزيد إلا إيجاد الشحن وتسقيط الاخر، ومناقشة الأفكار يجب ان يكون بالرد بالدليل
على الأفكار فهذا هو النهج الصحي ومنهج الضال والمظل والتسقيط ليس المنهج الصحي
والمقبول في هذا الوقت.
مشكلة التطور التقني أنه جعل من أصحاب الانفس المريضة على عمل اقتطاع أجزاء
ونقل أجزاء لمجرد اثاره موضوع معين او بث مقطع لاحد الفضلاء وعنونته انه يرد على
فلان او اقتطاع كلمات وارسالها كاستفتاء ما رأيكم سماحة المرجع بهذا الكلام!
والغريب أكثر هؤلاء الذي ينزل شخص ويرفع شخص لا يعرف عن مثل هذه الشخصيات شيء ولا
عن نظرياته ولا فكره ولا شيء ولكن تراه يهاجم او يؤيد ويرفع وينزل! وهذا مما يربك
الساحة الإسلامية، لذا واجب علينا التحقق مره بعد مره من أي شيء يأتي لنا عبر
وسائل التواصل الالكتروني، وفي المسائل الخلافية على كل شخص ان يرجع لمرجع تقليده.
السيد صاحب الموضوع لم اقرا لاحد المراجع أنه تكلم بخصوصه ولم يصدر بيان او
فتوى وهناك اقوال لفضلاء في مسالة أسلوب الطرح وبعض المنقولات ونحن هنا الى الآن
في حال صحي، فله موازينه وقراءته التي يراها كغيره والذي يناقش مثل هؤلاء فقط
الفقهاء وليس العوام.
وبهذا الخصوص انقل ما ذكره السيد
الخوئي في منهاج الصالحين بالخصوص هذه الاسطر:
وقد صدر من جماعة كثيرة من العلماء القدح في القائل بقلة التدبر، والتأمل،
وسوء الفهم ونحو ذلك، وكأن صدور ذلك منهم لئلا (يحصل التهاون في تحقيق الحقائق)
عصمنا الله تعالى من الزلل، ووفقنا للعلم والعمل، إنه حسبنا ونعم الوكيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق