رابط مشاهدة المحاضرة https://youtu.be/pbMAJijiWLU
أبو محمد – تغطية – 31 أغسطس 2019
استضاف مسجد السيد خديجة في مدينة حمد سماحة الشيخ أحمد السلمان ليتحدث حول موضوع (آلية البحث
والتحقيق في السيرة الحسينية) وذلك في ليلة الجمعة بتاريخ 29 أغسطس 2019 حيث تناول
حديثة قسمين:
القسم الأول: بيان شروط
الاعتبار التاريخي وما هي مقومات الخبر المعتبر في التاريخ.
القسم الثاني: ما يصوغ ويجوز
نقله على المنبر وفي المقابل ما هو الشيء الذي لا يجوز ولا يصوغ ولا ينبغي نقله
على المنبر الحسين (ع).
واليكم نص
الكلمة والاسئلة واجابات الشيخ:
(آلية
البحث والتحقيق في السيرة الحسينية)
تحل علينا بعد أيام هلال
شهر محرم الحرام وذكرى فاجعة الطف بأحداثها وتفاصيلها التي نسمعها في كل عام وأيضا
تعود مع هذه الذكرى عده تساؤلات تطرح في كل عام مثلا ما هي المصادر المعتمدة
للسيرة الحسينية؟ ما هي درجة صحة ما يذكره خطباء المنبر؟ فالخطباء يذكرون احداث
كثيرة في كل ليلة هذه الاحداث ما قيمتها التاريخية؟ وهل هي ثابته تاريخيا والاهم
من ذلك ما هي الالية التي نستطيع من خلالها التحقق من صدق هذه النقولات؟
هذه الأسئلة
دائما ما تطرح في مثل هذه الأيام بل لعلها تتحول من مجرد سؤال الى سجال وقد يتطور
السجال الى جدال وتصبح هذه الأمور هي محور عشرة الامام الحسين (ع) لذلك وجب علينا
ان نتعرض الى هذه الأسئلة وان نجيب عليها بكل وضوح وشفافية ويمكننا في هذه الليلة
ان نقسم البحث الى قسمين:
القسم الأول:
بيان شروط الاعتبار التاريخي وما هي مقومات الخبر المعتبر في التاريخ.
القسم الثاني:
ما هو ما يصوغ ويجوز نقله على المنبر وفي المقابل ما هو الشيء الذي لا يجوز ولا
يصوغ ولا ينبغي نقله على المنبر الحسين (ع).
القسم الأول:
بيان شروط الاعتبار التاريخي وما هي مقومات الخبر المعتبر في التاريخ:
في البداية
لابد من ان نعرف المقصود بالخبر التاريخي: الخبر
التاريخي هو الخبر الذي يحكي لنا واقعة حصلت في الماضي واقعة خارجية وتكون هذه
الحكاية مجرده من أي أثر عقدي او فقهي لماذا؟ لأنه بمجرد ان يصبح للخبر نفس
الحكاية اثار ولوازم عقائدية يصبح التعامل يختلف، يكون فيها اثار فقهية بمعني
يستنبط منها حكم فقهي وهي تختلف، من باب المثال مثلا قضية مذكورة قضية سواده مع النبي
(ص) هذا الشخص الذي عندما وقف النبي (ص) على المنبر وطلب من الناس ان يقتص منه
فقام هذا الرجل وقال انت ضربتني في يوم من الأيام جاء النبي (ص) وكشف عن ردائه
واعطاه الصوت او القضيب المنشوق في احدى الروايات، هذا خبر بهذا المقدار في خبر
تاريخي يحكي حدثا في سيرة النبي (ص) ولكن نجي ننظر الى الخبر نجد فيه لوازم عقدية
مثل هل النبي (ص) ضربه متعمدا؟ فهذا يخل بعصمته لان مثل هذا الفعل هو اعتداء وظلم وإذا
ضربة غير متعمد فهذه مشكلة لأننا نعرف ان دائرة العصمة أوسع من مجرد ترك المعاصي
والكبائر بل تشمل الخطأ والنسيان والسهو فاذا سلمنا العصمة بهذا المقدار فياتي لنا
لازم فقهي هل إذا انسان ضرب آخر غير متعمد فيه قصاص؟ بمعنى انا رفعت يدي واحد معي
جنبي واخذ كف من عندي وليس بمتعمد ومثلا واحد نعسان وحرك يديه ضرب الذي جنبه هل
عليها قصاص؟ إذا قلنا ان النبي (ص) كان غير متعمد فليس هناك قصاص إذا فهناك لازم
فقهي فتعامل معاملة الخبر الفقهي، نعم عندما نصادف الخبر التاريخي المجرد عن كل
هذه اللوازم التي تخرجه عن كونه خبرا تاريخيا.
الخبر
الفقهي او الخبر التاريخي ما هي شروط اعتباره؟ ما يصح ان نطلق على الخبر التاريخي
انه خبر معتمد؟
توجد ثلاث
ركائز أساسية:
الركيزة
الأولى: وجود مقبض التصديق: عندنا أمور في سيرة
العقلاء متى ما وجدت ومتى ما توفرت تكون دافعة للتصديق لأنها تجعل الانسان يطمئن،
مثلا نأتي الى الخبر التاريخي ما هي مقتضيات التصديق مثل الزمن فكلما كان النقل
قريبا من الحادثة كان اصدق سواء قرب زماني او قرب بمعنى قله الوسائط فلما يأتي شخص
ويحدثني عن شيء راه يختلف عن شخص راه جده الخامس! فكلما بعد الزمان احتمالية الصدق
تنقص وكلما كان النقل قريبا كانت احتمالية الصدق اعلى، هذا القرب من الحدث الاقدم
هي من مقتضيات التصديق، مثلا عندنا علاقة الراوي فرق بين انسان صادق ولم تعرف عنه
الكذب واخبرك بشيء وبين شخص ينقل اليك قضية وانت تعرف ان هذا الشخص معتاد على
الكذب طبيعي ان ذاك الذي عرف بالصدق قيمه خبره اعلى من الاخر، عندنا قضية الضبط
واحد ضابط كثير النسيان كثير الغفلة فهناك انسان اذا سمع كلام يؤديه كما هو وعندك
شخص اخر ما تحلو له نقل القصة الا اذا أضاف لها ما يرغب فطبيعي جدا نقل الأول
سيكون موجب للتصديق اكثر من نقل الثاني وهكذا عندنا عده عوامل أخرى مثل الانتماء
المذهبي والانتماء السياسي كل هذه الأمور ينظر لها اذا اجتمعت في الراوي/الناقل
تكون موجبه لتصديق الخبر والاخبار تتفاوت كلما اجتمعت هذه الأمور اكثر كلما زادت
نسبة صدق الخبر فهذا في مقتضيات التصديق في الراوي.
وعندنا مقتضيات تصديق في
نفس المروي موجبة للتصديق مثل انسجام النص مع الوضع العام التاريخي فله قابلية
التصديق، فياتي مثلا شخص يحدثك عن قضية حصلت له عل سبيل المثال وحسب ظروف هذه
القضية لا تنسجم مع الجو التاريخي العام فيحدثك عن ملابسه وهي ملابس صيفية في حين
الاطار الزماني والمكاني ان الجو برد ويحتاج ملابس شتوية هذا عدم الانسجام يضعف
الوثوق بما ينقل وهناك تفصيل حول هذا الجانب وفي النهاية مواصفات الراوي ومواصفات
المروي ومواصفات المصدر الذي نقل هذا الخبر كل هذه الأمور اذا اجتمعت وتوفرت بمواصفات
جيدة هذه مما تقتضي التصديق بحيث الانسان اذا اجتمعت هذه الأمور يطمئن بهذا
المقدار يكفي لصدق النقل، مثل الشبكات الإخبارية كيف تعرف صدق ما تنقله تعرف مثلا
عنها سمعة جيدة بين الناس بين اهل التخصص من الإعلاميين والصحافيين تعرف انها
بعيدة عن أي انتماء اعلام حر وليس اعلام موجه حتى لو لم تعرف مقدم الخبر ومن هو
المراسل ولكن هذا المقدار يجعلك تثق به، فاذا اجتمعت هذه الأمور يطلق على الخبر
التاريخي انه خبر معتبر اذا نحن لا ننظر فقط للراوي ننظر الى كل صفات الراوي وننظر
الى كل صفات المرء وحتى المصدر مصدر الراوي والنقل هذه الأمور تقتضي تصديق الخبر،
فلابد للخبر التاريخي ان يكون المقتضي موجود وان يكون المانع لا يعارض هذا الخبر
التاريخي او لا يصطدم بشيء علم بالقطع واليقين.. كيف؟ عندنا أمور محكمة بعضها مثلا
محكمات عقلية أمور ثبتت بالعقل مثل عصمه النبي (ص) دليلها العقل لم يأتي الينا نص
تاريخي مثل النص الذي ذكرناه ويذكر ما يخل بعصمة النبي (ص) هذا النص ظني وعصمة النبي
(ص) ثبتت بالقطع واليقين يسقط هذا الخبر وان كان مقتضى التصديق فيه موجود.
مثلا تقرا في كتب الحديث
وكتب السيرة تنقل ان النبي (ص) نام عن صلاة الصبح الي ينقل الخبر يعلل الخبر انه
من الشيطان وهذا يصطدم بمحكمة من محكمات العقل والنقل وهي عصمة النبي (ص) وهي ان
الشيطان لا يمكن ان يتصوب على النبي (ص) وحتى إن وردت هذه القضية بأسانيد صحيحه برواة
ثقات ومقتضي للتصديق لكنها تسقط عن الاعتبار لوجود المانع قد تكون المحكمة قرآنيه
وقد تكون المحكمة تاريخية عندنا قضايا تاريخية وصلت اشبه ما يكون بالحقائق لما
يأتي خبر تاريخي ويصطدم بهذه الحقيقة
التاريخية اكيد سنقدم الحقيقة، مثلا رواية موجودة في بعض الكتب ان يزيد دخل
المدينة وصار موقف بينه وبين السجاد العلامة المجلسي عندما يتعرض لهذا الحديث لم
ينظر للسند لان عندنا مفردة هي بمثابة الحقيقة التاريخية وهي ان يزيد لم يدخل
المدينة بعد موقعة الحرة لان يزيد مات في تلك الفترة بعدها بفترة قصيرة وجائهم خبر
يزيد وهم في حصار مكة والرواية تتحدث انه بعد موقعة الحرة يزيد دخل المدينة واخذ
البيعة! لدي مقتضيات التصديق موجودة فيها ولكن عارضت مسلمة تاريخية هذه المسلمة
التاريخية تمنع عن التصديق عن الخبر الكامل.
بل القضية تتوسع أكثر فقد
تكون القضية جغرافية فمثلا في سيرة النبي (ص) ان النبي (ص) لما دخل المدينة
استقبله الناس "بطلع البدر علينا من ثنيات الوداع" بعض من شرح السيرة
وكتب السيرة ثنية الوداع وين مكانها؟ تقع شمال المدينة في الطريق الرابط بين الشام
وطريق الهجرة معروف وهو بين مكة والمدينة فدخوله لا يمكن ان يكون من هذه المنطقة
ولذلك أشكل على هذا البيت اشكال جغرافي، مثل بعض علمائنا الاعلام أشكل على قضية
الأربعين وهي قضية رجوع ركب السبايا بعد أربعين يوما بالدقة فاذا نحسب المسافة انه
انتقلوا من كربلاء الى الكوفة ثم بعث ابن زياد للشام وانتظر الى ان يأتيه الجواب
ثم حملهم الى الشام واقاموا في الشام فترة ثم رجعوا الى كربلاء فهذه المدة إذا
نحسبها جغرافيا كم تحتاج الى ان تقطع؟! مثل شخص يقول خرجت بسيارتي من البحرين
الساعة 8 ليلا وصلت المدينة المنورة الساعة 12 في نفس الليلة تصدقه وان كان صادقا؟
فالقضية الجغرافية تكون من تصديق ذلك، قد يكون المانع فزيائي مثل البعض روى ان يوم
عاشوراء امتد الى 70 ساعة وبهذا الامتداد تصبح قضية فيزيائية لأنه تدخل فيه حركة
الأرض والشمس والكواكب وحادثة بمثل هذه الأمور تتحدث عن اختلاف نظام الكون وحدث
كوني تجي رواية بعد ألف سنة واحد ينقلها، فالخبر التاريخي حتى وان وجد فيه مقتضيات
التصديق لابد من ارتفاع جميع الموانع لكي يصدق هذا الامر الثاني.
الامر الثالث والأخير هو
عدم وجود الدافع للكذب، فهناك علاقة طردية بين صدق الخبر ووجود الدافع للكذب فكلما
ارتفع وجود الدافع تنقص احتمالية صدق الخبر وكلما انفض الدافع للكذب ازداد
احتمالية الصدق فلذلك لو انعدم الدافع للكذب فتصل بالخبر الى مرحلة اليقين فذلك التواتر
يعرف انه النقل الذي يرويه جماعة عن جماعة بحيث تحيل العادة تواطؤهم على الكذب
بمعنى احتمالية الكذب صفر، لذا الخبر التاريخي دائما اذا انخفض الدافع يزاد صدقه
فلذلك البعض يستشكل كيف مثلا في قضية المقتل الحسيني ترون عن بعض من شارك في
المعركة بعض الأعداء مثل حميد بن مسلم
وفلان وغيره، فاذا الشخص ينقل جريمته هذا إقرار عاقل على نفسه وينقل فضيلة
عن الحسين (ع) "ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده واهل بيته واصحابه اربط جاشا
ولا امضى جنانا منه" هنا انتقاص من نفسه ومن معه "وان الرجال لتشد عليه
فيشد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب" فهنا ينقل
موقف بطولي يقول نحن جبناء والحسين (ع) شجاع هنا العاقل يصدق به وإن كان عدوا وان
كان كاذبا لان المورد هنا احتمالية كذبه موجوده ام لا؟ فدائما في الخبر التاريخي
نسال هذا السؤال يوجد دافع للكذب ام لا؟ نأتي للدافع هل هو بنسبة عالية طبعا نعطي
نقطة استفهام عليه، فاذا قل الدافع نصدق بهذا الخبر، فاذا عندنا ثلاثة أمور تراعى
في نقل أي خبر تاريخي (وجود المقتضي للتصديق، ارتفاع المانع من التصديق، عدم وجود
الدافع للكذب) اجتماع هذه الأمور الثلاثة يعطينا ما يعبر عنه (بالاعتبار التاريخي)
والاعتبار التاريخي له درجات قد الخبر يكون معتبر ولكن اعتباره أكثر من الاخر
لماذا؟ مثلا لان الأول مقتضيات التصديق فيه اكثر من الاخر والدفاع للكذب اقل من
الاخر فالاعتبار ليس درجة واحدة فعندنا درجات مختلفة من الاعتبار وبهذه الدرجة
التفاوت يحصل في حال وجود اختلاف بين الروايات التاريخية او يدافع او يرجح به.
هذا فيما يخص المبحث
التاريخي العام حول شروط الاعتبار في الخبر التاريخي قضية السيرة الحسينية في
النهاية تبقى قضية تاريخية فهي تدخل في هذا الاطار أي خبر حسيني من السيرة من
المقتل اذا اردنا تقييمه نطبق هذه الأمور نبدأ (بالمقتضي للتصديق وننظر للمقتضيات الموجودة
فيه، ثم ننتقل الى موانع التصديق اهي موجودة ام لا ثم ننتقل الى دافع الكذب ونرى
هل يوجد دافع او لا) فتتراكم عندنا هذه الأمور ونخرج بنتيجة نقول هذا الخبر معتبر
او هذا الخبر غير معتبر.
القسم الثاني: ما هو ما يصوغ ويجوز نقله على المنبر وفي المقابل ما هو
الشيء لا يجوز ولا يصوغ ولا ينبغي نقله على المنبر الحسين (ع):
بناءً على ما ذكرناه في
الشروط السابقة بخصوص الخبر التاريخي يمكننا تقسيم الخبر التاريخي الى ثلاثة
أقسام:
القسم
الأول: الخبر المعلوم الثبوت: معلوم بوثوقه.
لا خلاف بين الجميع ان مثل
هذا الخبر ينقل على المنبر فلا نزاع فيه.
القسم
الثاني: خبر معلوم عدم ثبوته: معلوم كذبه.
هنا يحرم نقله على المنبر،
المشهور حرمه نقل مثل هذا الخبر، مثلا جاءت رواية في السيرة الحسينية يقينا هذا
كذب واضح انه لا يجوز انقلها على المنبر.
القسم
الثالث: مشكوك الثبوت: احتمالية الصدق موجودة واحتمالية الكذب موجودة.
النزاع لا يحصل في القسم
الأول والثاني بل النزاع يحصل كل سنة في هذا القسم بغض النظر على النسبة للصدق
والكذب المشكلة التي تحصل اننا لا نميز بين قضية أصل الثبوت وبين جواز النقل هذا
الخبر هل هو ثابت فانا خطيب أقول لك لا ليس ثابت إذا لماذا تنقله على المنبر مع
عدم ثبوته؟
عدم الثبوت التاريخي لا
يساوق حرمة النقل المحرم نقله معلوم ومقطوع الكذب ولكن عدم الثبوت لا يعني حرمه
النقل، العلماء يقولون الحدث التاريخي المشكوك المحتمل الوقوع يجوز نقله لكن على
سبيل "الحكاية" مثل القول: ورد في كتاب كذا قيل كذا روى فلان كذا بهذا
المقدار نقله جائز دون ان يذكر كحقيقة تاريخية مثل قول الحسين (ع) فعل الحسين (ع)
قال هنا يصبح كذبا، النقل يكون على سبيل الحكاية على الناقل لا الحكاية على
التاريخ حصل كذا قال كذا بهذا المقدار يجوز نقله هناك البعض لا يعتقد ان الخبر غير
معلوم ثبوته لا يجوز نقله كيف تنقل هذه القضية على المنبر والمرجع الفلاني يقول أنها
لم تثبت تاريخيا انت كلامك صحيح وهذا الخطيب فعله صحيح كيف؟ فانا لم اقل انها
ثابته انما انا نقلتها على سبيل الحكاية هنا بعض العلماء يقولون بهذا المقدار"
اذا كانت حكاية الخطيب من شانها ان ترسخ المسالة في اذهان الناس بحيث تصبح مسلمة
تاريخيا يقولون يحرم نقلها" فتكون لدينا مشكلة في المستمع والخطيب في المستمع
يظن ان النقل على المنبر يقتصر على ما علم ثبوته وصدقه وفي الخطيب لما يأتي
بالأحداث المعلوم ثبوتها وصدقها ويأتي بالأحداث المشكوكة والمحتملة الصدق ويضربها
في خلاط واحد ويعرضها للمستمعين هنا المشكلة.
نعم احكيها ولكن ليس على
سبيل ترسيخها في الذهن على انها حقيقة تاريخية وهذه هي المشكلة الموجودة عندنا ان
الخطيب لما يعرض احداث عاشوراء ينقلها بنفس الوتيرة فيجمع بين معلوم الثبوت والصدق
وبين مشكوك الثبوت والصدق، وبعض الخطباء "ذمتهم واسعة" فيضيف معلوم
الكذب والوضع ويعرض الجميع على وتيرة واحدة فالمستمع يتلقى "بكج كامل"
من الاحداث بمستوى واحد وينظر لها كلها على انها حقائق تاريخية ومع الأيام لما
الشخص يقرا ويطلع ينصدم ان هذه الاحداث التي تربى عليها وسمعها وبكى عليها كبار
العلماء طعنوا فيها وشككوا فيها وقالوا بكذب بعضها؟ فتاتي الصدمة!
لذلك نصيحة اخوية ودية
للخطباء ضروري للخطيب عند عرض الاحداث أن يجعل فوارق واضحة بين القسم الأول والثالث
لسلامة هذا الجيل خله يميز بين الحقيقة التاريخية وبين المحتمل والمشكوك، طبعا
الذي ينقل معلوم الكذب والوضع ليس لنا كلام معه، مهم جدا انه في عرض المصيبة
والقضية التمييز بين هذه الأمور بحيث المستمع يميز بين هذه الأمور فلا تترسخ عنده
بعض القضايا لان الشباب الان عندما تأتيه صدمه من هذا النوع تأتي له باثر رجعي
يكفي ان يحصل عنده تشكيك في حادثة واحدة بحيث يشكك فيما بعد في كل الحوادث حتى لو
كانت معلومة الثبوت مهم المستمع ان يميز بين هذا الأمور والخطيب ان يجعل فوارق
واضحة وجليه عند عرضة لقضية عاشوراء فالقضية لا تحتاج كل هذا السجال السنوي اذا
صار هذا الفرز في عقل المستمع وصار هذا التمييز عند الخطيب في العرض والطرح القضية
تصبح واضحة ولا نحتاج كل سنة القيامة تقوم، مثلما حصل في السنة الماضية عندكم في
البحرين في قضية حبيب مسجل الزوار.
باب الأسئلة:
س1: حول مسالة
لسان الحال والتوسع فيها من قبل الشعراء؟
نأتي بمثال من الذي شاهد
مسلسل النبي (ص) يوسف طبعا الكل شاهدة ولأكثر من مره هل الأحداث الواردة في مسلسل النبي
(ص) يوسف هي احداث تاريخية؟ كلها تاريخية؟ والشخصيات تاريخية؟ فلماذا لا يعترض على
المخرج؟
لان غرض المخرج ليس نقل
الحقيقة التاريخية فالمخرج بصدد صناعة دراما وهذا الامر مما تقتضيه الدراما فهنا
عندك واقعة تاريخية وعندك فيها "فراغات" يأتي
هذا الكاتب بخياله ليسد هذه الفراغات فلذلك تحصل هذه الأمور يضيف شخصيات فمثلا شخصية
"كلي ماما" وين في التاريخ؟ هي شخصية اخترعت واعطيت هذا الاسم من باب سد
هذا الفراغ التاريخي فما ممكن تقول هذا كذب لأنه لم اقل لك انها واقعة تاريخية انا
بصدد صناعة دراما نفس الشيء بالنسبة الى لسان الحال او الشاعر فالشاعر ما هو غرضة؟
غرضه صناعة تراجيدية صناعة الحزن يقول انا لست بصدد نقل واقعة تاريخية انا غرضي
استدرار الدمعة فيحق للشاعر ما لا يحق لغيره وهذا قام بها حتى شعراء الائمة مثل
دعبل الخزاعي "افاطم لو خلت الحسين (ع) مجدلا وقد مات عطشانا بشط فرات اذا
للطمت الخد فاطم عنده" هنا صورة والامام اقره او لا اقره فلسان الحال هي هذه
القضية انا كشاعر او كخطيب غرضي من النقل ليس سرد الواقعة التاريخية، "لا"
غرضي استدرار الدمعة فلذلك انا اخلق صور شعرية او نثرية المشكلة هي الانتقال من
التراجيدية وصناعة الحزن الى الواقعة التاريخية وجعل بيت الشعر قضية تاريخية،
فدعبل الخزاعي وضح انها صورة شعرية "لو" خلت
"ل"طمت الخد، المشكلة الانتقال من
صورة الشاعر او الناثر لجعلها حقيقة تاريخية، لذلك هذا ما اعتقده انا أن "كتب
المقاتل التي كتبت في القرن الثامن الى القرن التاسع يعني من روضة الشهداء انا
الذي افهمه ان هذه الكتب لم تكن كتب تاريخ وكتب تنقل وقائع تاريخية انما اصبح فيها
عملية دمج بين التاريخ وبين الصورة الشعرية او الصورة النثرية المفجعة، مثال من
قرا نثرية الكاتب المسيحي/جرجي زيدان في التاريخ كتب في كل هذا التاريخ الإسلامي
منها واقعة كربلاء كتابته التاريخ كانت بين حقيقة وبين مخيلة اديب لذلك اخترع
شخصيات واخترع قصة حب في كربلاء في اليوم العاشر ودمج بينهم المشكلة ليست في جرجي
زيدان الذي كتب بهذه الصورة المشكلة انت كقارئ لما تأخذ هذا الكتاب وتضن ان كل فيه
انها حقيقة تاريخية، لذلك المشكلة ليست في لسان الحال المشكلة اننا نعتبر لسان
الحال معتمد على رواية.
س2: كيف
اقرا التاريخ من دون اللوازم الفقهي والشرعية للمعصوم؟
صحيح المعصوم كل حركاته وسكناته
حجه ولكن نأتي الى الامام الحسين (ع) قاتل فلان فهذا ليس امر يستنبط منه حكم شرعي
او يستنبط قضية عقائدية مثلا ورد عن المعصوم انه يوم الاثنين اكل تمر هل يستنبط
منها حكم شرعي نقول له لا، نعم تدل على عدم الحرمة هذا مقتضى العصمة ولكن لا تدل
على الاستحباب تدل على الاباحة بالمعنى الاعم بهذا المقدار لا يعتبر امر فقهي متى
تصبح امر فقهي اذا يستنبط من القضية "وجوب، حرمه، استحباب وكراهة" هذه
الاحداث لا يستنبط منها شي هذا الخبر التاريخي المجرد لذلك نرى حتى عند بعض
علمائنا في نهج البلاغة كحكم ومواعظ أخلاقية يستدل بها ولا يذكر لا سند او مصدر
اذا توصلت القضية الى حكم فقهي استنباطي اللغة تتغير تماما مثل قصة سواده هناك
ثقافة للمعصوم ولكن لا تؤصل الى شيء باسم الشرع اذا اصحبت نسبة شيء للشرع تختلف
القضية في سيرة المعصوم يجب ان نميز ونفرز بين السيرة المجردة التي لابد للإنسان
من الاطلاع عليها وبين السيرة التي فيها لوازم باللازم تتحدد طريقة التعامل مع
السيرة، فاذا لازم عقائدي يشترط فيها القطع واليقين فلابد ان يكون الخبر من السيرة
ثابت بالقطع واليقين لأرتب عليه هذا الأثر، اذا كان الخبر من السيرة فيه لازم أخلاقي
يكون يكفي الثبوت الخبر التاريخي فيه، فمثلا في قضية العلاقة التاريخية بين العباس
واخته زينب يجب التمييز بين العلاقة التاريخية الثابتة وبين العلاقة التي ولدتها
الثقافة الشعبية مثل الشعر والخطباء ومثال اخر على الثقافة الشعبية هل بإمكان احد
الخطباء ان لا يقرا عن العباس يوم السابع من المحرم؟ لا يستطيع هل لها منشأ ليس
لها منشأ هي ثقافة شعبية، في ايران يقرا على العباس ليلة التاسع من المحرم ولكن
لان القضية عندنا مترسخة بحيث لو الخطيب لا يقرا على العباس ليلة السابع يخرج عن
المله مثلا في العراق يقرا على مسلم ليلة الخامس وعندنا ليلة الرابع اذا هي ثقافة
شعبية وليس لها خبر تاريخي، لذلك هناك ضرورة الفرز بين الثقافة الشعبية الذي ولدها
المورث الشعبي وبين الحقيقة التاريخية لذلك انا اعيد وأكرر ضرورة الفرز في المنبر
عند العرض بين ما هو ثابت تاريخيا وما هو محتمل تاريخيا وما هو صورة شعرية أدبية
واغلب المشاكل هي من عدم الفرز.
س3: هل هناك
فرق بين المشكوك الذي ربما حصل او لم يحصل وبين غير الثابت؟
غير ثابت بمعنى لا دليل
على ثبوته احتمالية الثبوت وارده ولكن ما عندنا دليل، القسم الثاني معلوم عدم
الثبوت يحتاج دليل على الكذب التي هي المانع من التصديق، لم يثبت يعني لا يوجد
مقتضي للتصديق لم يثبت يدخل في القسم الثالث مشكوك الثبوت والمعلوم عدم الثبوت
ولكن ان نقول هذا معلوم عدم الثبوت يعني معلوم الكذب هذا يحتاج عليها دليل على
الكذب مثل ما نحتاج دليل على الصدق مثلما يقول ابن سينا " كلما قرع سمعك من
العجائب، فذره في بقعة الإمكان ، حتى يذودك عنه قاطع البرهان" مثل ما الاثبات
القطعي يحتاج دليل النفي القطعي يحتاج دليل، ما في دليل على الاثبات او النفي تبقى
هذه المنطقة الرمادية وهي مشكوك الثبوت.
س4: المنقولات
التاريخية على المنبر لماذا لا يكتفي الخطباء بنقل النقولات الثابتة؟ هل هناك عجز
بالاكتفاء بالثابت فقط لأدرار الدمعة؟
سأنقل وجهة نظر الطرف
الاخر بغض النظر عن وجهة نظري الشخصية عن الموضوع، الطرف الاخر يرى ان الغرض هو
استدرار الدمعة فكل شيء يدخل في دائرة الجواز يؤدي هذا الغرض ان سأنقله فلذلك
الطرف الاخر يرى ان المقدار الثابت تاريخيا قد لا يؤدي الى هذا التفاعل الموجود
الان فلذلك انا استعين بالمنطقة الرمادية من باب الحصول على التفاعل أكثر وهو امر
جائز.
المشكلة الحقيقية عند
الخطباء هو نقل ما يعلم كذبة "الشيء الذي أصلا لا ذكره له في التاريخ وهو من
المختلقات" هنا يجب ان تواجهه، اصبح الان هناك تنافس بين البعض في نقل
التفصيل الاغرب لأكون انا متميز وهنا مصطلح اصبحنا نسمعه عند بعض الخطباء وهو
"انا راح اتي لك بمصيبة عمرك ما سمعتها" يقدم اليك هذه المقدمة ليأتي
بما بعدها بالقول ذكر ارباب المقاتل فصار التنافس في هذا الجانب وهو القسم الثالث
ولو اننا بقينا على القسم الأول والثاني فنحن بخير المشكلة القسم الثالث وهو ان
يصرح بطرح شيء لم يسبقه اليه احد يتكلم ويحصل ذاك التفاعل العجيب وهذا التفاعل
يشجع غيره ان يجيب شيء اكثر وكل شخص يقول الزود عندي ويبدا عندنا حراج.
انا شخصيا
عقيدتي الشخصية أرى ما ورد عن أئمة اهل البيت (ع) على لسان المعصومين ومما اسند
للمعصومين في وصف واقعة الطف ليس فقط يذيب القلوب بل يتلف الاكباد ولكن للأسف نحن
بعيدين، تره بعض الروايات الواردة في كامل الزيارات في وصف واقعة الطف انا شخصيا
قليل اسمع خطيب يذكرها رغم انها روايات فعلا تصب في عظم مصاب اهل البيت (ع) واعطيك
مصدر الى كتاب المأثور من مقتل الامام الحسين (ع) للشيخ محمد رضا الطبسي هذا جمع
روايات اهل البيت في وصف مقتل الامام الحسين (ع) روايات جبارة فهل اترك هذه
الروايات واتي الى ذكر بعض الذاكرين ونقل بعض ارباب المقاتل فعلا مصيبة وجناية في
حق اهل البيت.
س5: بما
انني غير مختص كيف اتعامل مع ما يطرح وكيف اعرف الصحيح والمقبول؟
هناك كتب يعتبر مؤلفوها
لديهم تحرز أخذوا أصغر دائرة من التحرز على سبيل المثال كتاب موسوعة الامام الحسين
(ع) الذي يذكر المصدر وكتاب الصحيح من مقتل سيد الشهداء وكتاب مقتل السيد المقرم
هؤلاء حاولوا ان يضيقوا الدائرة بحيث يأخذ بالمقدار الذي لا يشك أحد باعتبار مصدره
اجمال ما ورد فيه معتبر عندك كتاب من مثل هذا النوع ترجع اليه، الانسان الذي يقرا
ويبني ثقافة تاريخية على القراءة تحصل عنده عملية الفرز اما الثقافة السمعية لا،
هي التي تولد هذا الاختلاف.
س6: هناك
مشكلة عدم الالتزام بالضوابط التي ذكرتموها للثابت والمكذوب والمشكوك لذا تصبح
هناك مسلمات لدينا وموسم عاشوراء العالم ينظر اليك ويسمع ما يذكر وحتى مع نصائح
المرجعية بالالتزام قدر الإمكان بالثابت لطرحه على المنبر وحتى مع دعوة العلماء للالتزام
ببعض المقاتل المنقحة والنقل منها لا زال الحال على ما هو؟
لذلك انا ذكرت مثال مسلسل
نبي الله يوسف يجب ان نميز بين الخطيب لما يعرض المقتل كعرض يكون غرض الخطيب النقل
التاريخي ونقل احداث وبين النعي الذي غرض الخطيب استدرار الدمعة حاله حال مخرج
مسلسل النبي يوسف الذي هو دراما ونفس الشيء الخطيب في المحاضرة يقول خذ مني تاريخ والنعي
لا انا غرضي تعلق بالابكاء وهو يقدم اليك تراجيديا صناعة حزن لا تأخذ منه ولكن يجب
عدم التجاوز والمبالغة، احد أساتذتنا الكبار في البحث الخارج يقول انا في المحاضرة
محقق مدقق ولكن في النعي ملا أبو ريالين لا تسالني في النعي والمصيبة عن ثابت اذا
ارت ان تسالني عن شيء اسالني عن المحاضرة، فهناك مسئولية عند مسئولي المآتم
بالدرجة الأولى في اختيار الخطيب.
انت الان موظف الشركة في
نهاية الشهر ستعطيك راتب داومت ما دوامت راح ينزل الراتب اخر الشهر فهل راح تتغير،
نفس الشيء الخطيب لما لا يجد المسائلة لا من صاحب المأتم ولا من الجمهور ودائما
يرى ان سوقه ماشي فيقول ليش انا اتعب نفسي اقرا مقاتل واحقق ليش الراتب بينزل
بينزل خلني مرتاح واخترع كم صورة للمصيبة وتمشي الأمور وهنا المشكلة الأساسية ولكن
(لو) الخطيب يعرف انه بمجرد انه يكذب يسقط اجتماعيا ولم يجلس احد تحت منبره ويعلم
ان صاحب المأتم ما راح يقريه فأكيد راح يتحرز عن الكذب لكن احنا نمشي الكذبة
واثنين وثلاثة وعشرة مثال في القطيف في مجلس كبير في ليلة 20 رمضان الخطيب يتحدث
ان جاءوا بطبيب الاصبغ بن نباته ثم الامام الحسن فتح الباب لزيارة امير المؤمنين
فجائه في تلك الليلة 7 مليون شخص وين تصرفها؟! والمجلس سكوت ولا من منكر وهنا
الاتكالية فالمستمع يحمل أصحاب المأتم وأصحاب المأتم يحملون الحوزة والحوزة ترجعها
للمجتمع.
س7:هل
مسئولية الإعلامي ان يسد هذه الفغرة عندما يذكر الخطيب شيء من القسم الثالث من
الكذب بان يقتطع المقطع؟
طبعا مسئول إذا قضية علم
انها كذب فانت بنشرك له تقوم بهذا الامر بنشر الكذب نعم قد تصبح له عناوين مثل انت
اجير وانت مطالب بهذا الامر فهذه قضية أخرى ولكن في حال انت صاحب مجلس وهذا الخطيب
اطلق قنبلة نووية انا كصاحب مأتم طبيعي اني احذف التسجيل اقطع هذا الشيء والا انا
اساهم بنشر هذا الامر واكون عنصر ترويج لهذا الامر وهو من اجلى مصاديق تشويه
الثورة الحسينية.