الخميس، 23 مايو 2019

ملخص كتاب (اتجاهات الفكر الديني المعاصر في ايران) لمجيد محمدي



كتاب اتجاهات الفكر الديني المعاصر في إيران للباحث الإيراني مجيد محمدي

أبو محمد – ملخص قراءة كتاب -23 مايو 2019

يستعرض الباحث أبرز ستة مفكرين إسلاميين في مراحل زمنية مختلفة حسب رؤيته انهم الابرز في التأثير فكريا في مسيرة التحديات الفكرية (الدين والعلم، الفلسفة والوحي، القديم والجديد، الاستبداد والحرية، التبعية والاستقلال) ونقد الفكر الديني المعاصر وتحليله وعرض مناهج جديدة.
والمفكرين الاصلاحيون الستة هم:
١- المرجع الميرزا النائيني منظر الحركة الدستورية في بداية القرن العشرين. (الرؤية الفقهية "الاصولية")
٢- مرتضى مطهري (الرؤية الفلسفية)
٣- علي شريعتي (الرؤية الاجتماعية)
٤- مهدي بازرجان (الرؤية العلمية "التجريبية")
٥- حسين نصر (الرؤية العرفانية "الرمزية")
٦- عبدالكريم سروش (الرؤية المعرفية "المنهجية")
ويعتبر الباحث أن هناك خصوصية مشتركة بين هؤلاء الستة وهي مرحلة العبور من الاعتقاد ال ديني الى المعرفة الدينية الهادفة ونوع من الكلام الجديد

يعتمد الباحث في دراسته على المنهج النقدي، الوصفي، العرضي.

يعتبر الباحث مبادئ النضال والاشتراكية والسلوك الحزبي لمجاهدي خلق تدخل ضمن الإطار الفكري لبازرجان و شريعتي.
وأن دراسات لمثل المرجع ناصر مكارم الشيرازي الهاشمي نجاد وجعفر سبحاني هي الوجه الباهت لبازرجان ومطهري.
ويعتبر ان الشيخ محمود الطالقاني يسير بسيرة بازرجان في العودة للقرآن والتفاصيل العلمية.
ويرى الكاتب أن لكل واحد من هؤلاء الستة دور يعيشه في مرحلته وعلى ضوئها يقدم مشروعه
ويبين الكاتب انه لم يطرح حتى الآن في العالم الإسلامي مشروع يجمع بين حرية الفكر والدين.
    
المرجع/ محمد حسين النائيني (1860- 1936)

النائيني فقية أصولي تقليدي يعتبر من أوائل الفقهاء ممن اسسوا الفقه السياسي الحديث ومن أول من اقر شرعية النظام السياسي الدستوري وأصل له فكريا ودينيا من خلال كتاب الله والسنة وأحاديث اهل البيت (ع)، ويعتبر كتابه او رسالته التي أطلقها في الحركة الدستورية/ المشروطة في إيران في بداية القرن العشرين الموقف الرسمي للزعامة الدينية الشيعية في الاتجاه السياسي وتعتبر اليوم هي البناء الاولي للثورة الإسلامية في إيران والتي قادها السيد الخميني.

النائيني يصنف الحكم الى نوعين:
النوع الأول: مستبد ومتعسف ومتسلط ومتحكم يتعامل مع شعبه كما يتصرف المالك بمزرعته.
النوع الثاني: حكومة مقيدة ومحدودة وعادلة ومشروطة ومسئوله ودستورية

ويدعو إلى النوع الثاني للوصول لأقل قدر من السلبية وذلك عبر تقييد السلطة عبر نظام الرقابة والمحاسبة وعبر دستور ومجلس تشريعي
ويرى أن ما يعزز الاستبداد السياسي في الأمة هو تأييد الفكر الديني له
ويرى أن علاج الاستبداد السياسي يتوقف على علاج الاستبداد الديني

النائيني يرى القيام على الاستبداد والتغيير من والى الدستورية ضرورة من ضروريات الدين

ما يميز النائيني عن باقي فقهاء عصره هو تركيزه على (القرآن ونهج البلاغة) بخلاف باقي الفقهاء الذي يركزون على أحاديث الكتب الاربعة (الكافي، من لا يحضره الفقيه، تهذيب الاحكام، الاستبصار) وذلك راجع للقضايا التي واجهها والتي لا تكفي الأحاديث كمصادر للتأسيس للقواعد الفقهية الأصولية لها مثل فصل السلطات "عهد مالك الاشتر" والبرلمان "سورة الشورى" والقانون "خطب الامام علي" وتحديد سلطات الحاكم " عهد مالك الاشتر" والظلم والاستبداد "سور بني اسرائيل وفرعون وسائر الطواغيت وخطب الامام علي".

ينطلق النائيني على قاعدة أصولية "كل ما حكم به العقل، حكم به الشرع" وذلك مراعيا للزمان والمصلحة والأحكام الثانوية والضرورية
ويعد الكاتب ان الشيخ النائيني قدم نموذجا بارزا وصورة حديثة لعالم الدين خاصة في عصر الحركة الدستورية حيث "صور الدين على انه قريب للسياسة وانه غير متناقض معها".
    
الدكتور/ علي شريعتي (1933 - 1977)

قبل ذكر ما ذكر في الكتاب عن هذه الشخصية لي مقال سابق بعنوان (شريعتي .. ما له وما عليه) https://gr-feather.blogspot.com/search?q=%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D9%8A ذكرت فيه ان شريعتي كان يتحرك بمنظور أدلجة الدين بمعنى أظهر بعض الأمور وغيب بعض الأمور، وهذا ما اتفق انا والكاتب بشأنه بخصوص د. علي شريعتي.

يجد الكاتب ان النظر والانتباه للمنهج الذي يسير عليه شريعتي يوضح الطريق الذي يجب سلوكه لنقده، وذلك راجع حسب الكاتب ان وظيفة الناقد نقد المنهج لا نتائج المنهج.

شريعتي ينظر إلى الدين من حيث انه كيان اجتماعي، وكونه عنصرا فعالا في الحركات الاجتماعية.
وينظر اليه من خلال:
  • التركيز على الأداء العملي في المجتمع
  • استخدام المنهج العلمي والموضوعي


يقول " علينا أن نسلك لمعرفة الدين نفس المنهج الذي سلكه العلماء المناوئون للدين" "أنى اتمسك بنفس المنهج الذي تمسكت به أوروبا لمعالجة المسائل العلمية والإنسانية"

شريعتي يرى ان منهج المعرفة لا تؤخذ من الدين نفسه.

شريعتي لا يتحدث عن الشرك والتوحيد بمعناهما الكلامي العقائدي انما يتحدث عنهما بمعناهما الاجتماعيين (الشرك تعني النظام الطبقي والتفرقة البشرية والاستغلال والتقديس/ التوحيد تعني الغاء النظام الطبقي والعنصرية الخ والمهمة الرئيسية للتوحيد هي اقتلاع جذور الشرك)، وأنه يرى الصراع بين الشرك والتوحيد صراع اجتماعي.

ويعتبر العقيدة هي صورة طبق الأصل عن النظام الاجتماعي للإنسان، ويعتبر أرضية الفكر والشرك العقائدي والفساد هي أرضية اجتماعية وليست فردية وبهذا يحول شريعتي الرؤية العقائدية الى رؤية اجتماعية.

منهج شريعتي في معرفة الدين قائمة على اساس العلوم الإنسانية واستخدام (منهج المقارنة) مثل النبي وسائر القدوات في العصر الإسلامي الاول و (منهج دراسة الأنماط والنماذج) تقديم القدوات الصالحة للبشرية مثل أبو ذر علي سلمان الخ.

ومنهج مطهري في معرفة الدين قائمة على ملا صدرا
وبازرجان تقوم على العلوم التجريبية/ الإلهيات الطبيعية.

يرى شريعتي سر عدم نجاح الإيرانيين في مجال الدراسات الإسلامية وانضاج الفكر الإسلامي المعاصر هو : "ان علماء الدين كانوا بعيدين عن الرؤية العلمية الإنسانية الحديثة ومناهج البحث والدراسة العصرية".

يهتم شريعتي بالرموز والأساطير لأنها حسب ما يرى أنها إحدى السبل التي اتبعها الانسان لتهدئة قلقة واضطرابه، ويرى أن إحدى المهمات الأساسية للدين هي معالجة القلق والاضطراب الذي يعاني منها الانسان، لهذا يستعين شريعتي بالرموز والأساطير في تفسير عموم القضايا الدينية كتفسير مسألة الجنة والنار وادم والشيطان وهابيل وقابيل.

يستعرض شريعتي (3) اتجاهات في تعريف الاسلام:
1- اسلام الوعي والعقيدة من طراز المسلم الواعي المتنور من طراز ابي ذر الذي هو اسلام العقيدة والايدولوجيا.
2- اسلام العامة من طراز المسلم العلمي فاقد الوعي.
3- اسلام العلماء من طراز ابن سينا.

يعتقد شريعتي بضرورة إعادة صياغة الفكر الديني بمعنى إعادة النظر في جميع المعارف الدينية، وأن الاصلاح الديني لا يعني ابدا إعادة النظر في أصل الدين بل يعني العودة إلى الاسلام الأصيل ومعرفة حقيقة روح الاسلام الواقعي الاول.

ويكون احياء وإعادة صياغة الدين عبر (تسليح الناس بالوعي الذاتي، الاعتماد على الثقافة الذاتية، فهم الاسلام سياسيا واجتماعيا، الطرح السليم للنماذج والقدوات، التفهم التاريخي السليم لمجتمعنا، معرفة الثقافة الغربية بشكل صحيح، مكافحة الاستعمار والحداثة الهابطة، تقديم الاسلام على انه أيديولوجيا، تصفية منهج الفكر الديني، فهم متطلبات العصر، الجمع بين المشاعر العرفانية والالتزام الاجتماعي/السياسي).

يقول شريعتي أن رسالة الدين هي (رسالة الحرية والمساواة وتوحيد التناقض والتمييز المهيمن على التاريخ وعلى مصير الانسان، رسالة إنقاذ الجماهير المتعبدة، وتوريث الأرض للمستضعفين، وكسبهم العزة والقوة).

شريعتي يرى سر ثبات الدين واستمراره وطراوته في الاجتهاد وفي اعادة صياغته باستمرار.

شريعتي يرى أن (للدين أداء أكبر من كونه تراثا تاريخيا او عاملا لبلورة الهوية الثقافية، ولكي يقفز بالنضال الى مراحل متقدمة. فتنة يحتاج إلى ايدلوجيا يكون لها رأي في كل مجالات الحياة ولهذا فهو يرى أن للدين أكبر عدد من الأدوار) وهو يفترق شريعتي مع العلمانية وحسه الديني يرفض تغافل دور الدين.

 الشهيد مرتضى مطهري (1919 - 1979)

أحد أهم المدافعين والمفكرين الدينيين في ايران قبل وبعد الثورة، نهض من داخل الحوزة التقليدية الى التبليغ والدفاع عن الدين في الإطار الجامعي وطلبة الجامعة وقدم خلالها القضايا الدينية بلغة معاصرة وإعادة احياء وتجديد الفكر الديني.

يقدم الدين بوصلة ايدلوجيا وبرنامج متكامل في الحياة وعليه يقوم بشرح مبادئ هذا المشروع والدفاع عنه وكان المدخل الفلسفي هو الذي تبناه لهذا المشروع.

يرى الكاتب ان مطهري أخذ دور الدفاع عن الدين خاصة وأنه عاش في فترة غزو الأفكار الجديدة لايران وفترة ضعف وجمود الفكر الديني في حدود المنهج التقليدي فاخذ مطهري دور التجديد للمفاهيم والشعائر الدينية وليبين ان الاسلام ايدلوجيا ومدرسة نضالية تتناغم وتصلح لكل عصر وحاول من خلال مشروعه ان يقدم صورة ملتزمة ومعقولة عن الدين والشعائر الدينية.

ويسجل مطهري موقفة من كل قضية من إثارة علامات الاستفهام حول الدين(العلم يواجهة بالعلم والتمسك بالعلم، وعدم عقلانية الدين والأفكار الدينية يواجهة بمسالة التفكير في القرآن ونهج البلاغة واستدلالاتهما في القضايا الايمانية، وموقف عدم عدالة الاسلام للمرأة يواجهة بحقوق المرأة في الاسلام، وأن الدين يهدم الثقافة التاريخية يواجهة بإنكار هذا التصور وأيضا تاريخيا، ومسألة القومية والعنصرية الدينية الإيرانية بموقف دور المسلمين في إغناء وإثراء الثقافة الإيرانية، ومسألة ان النبوة والدين بعمان تراثا انتهى يواجهة بموقف خاتمية النبوة وعدم غروب الدين، ومسألة تمزق المسلمين على الصعيد السياسي والفكري يواجهة بموقف الوحدة الإسلامية، ومسألة ان الدين اساس تخلف وانحطاط المسلمين بموقف ان الاسلام يؤكد على التقدم والتكامل وانه قادر على قيادة المجتمع الى الامام، ومسألة الأمور الغيبية بموقف الإمدادات الغيبية في حياة الانسان، ومسألة عدم تقبل بعض أحكام الشريعة مثل القصاص والديات بموقف ان هذه الأحكام تساعد على اقتلاع جذور الجرائم من المجتمع، ومسألة عدم عدم فائدة الثقافة الإسلامية في عصرنا الحاضر بموقف أهمية الاهتمام بالتراث الثقافي وتدريسه وغربلته، ومسألة نظام المعرفة الجديد بموقف استخراج المنهج المعرفي من القرآن، ومسألة الأخلاق، الخ اخره من المسائل كوجود الله والتربية والتعليم والفلسفة الاجتماعية التي واجهها مطهري).

يعد مطهري طرح السؤال والتساؤل أمرا غريزيا وانه مفتاح العلم ويعارض الغاء مبدأ السؤال وعدم الإجابة عليه لأنه في هذه الحالة فإن هذا التساؤل سيذهب بصاحبة لمعسكر الخصم، ويبين الكاتب ان كل مساعي مطهري هي دفاعية ومن الشواهد استخدامه لبحوث الغربيين والمستشرقين مثل (حاجة الانسان للدين بما يقوله ويل دورانت، تغيير صورة العالم بواسطة الإيمان الديني بما يقوله ويليام جيمز، ورغبة الانسان بالعبادة بما يقوله فروم، وفوائد الإيمان بما يقوله تولستوي، وعن أمية الرسول (ص) بما يقوله كارلايل/دورانت/غيورغيو/لوبون/ماسينيون) وهو بذلك يستخدم مقبولات الخصم لافحامه.

مطهري ينقد علم الاجتماع والماركسي والمادي ينقاد مطهري لاضافة البحث القرآني للموضوعات الاجتماعية التاريخية وتعتبر هذه توجهات جديدة في المباحث الكلامية المعاصرة.

يرى مطهري قبول الانسان الاقتصادي المنتج وانه هو الأصل في الماركسية ان على الانسان تكون يواصل حركته التكاملية يصطحب معه أدوات الإنتاج وسائر الشئون الحياتية في مسيرة التكامل.

يرى مطهري ان اهم مشكلة اجتماعية هي الاسلام ومتطلبات العصر ويرى أن المستنيرين في الأمة يتحملون مسؤوليتين كبيرتين هما (معرفة الاسلام الواقعي معرفة صحيحة بوصفة فلسفة اجتماعية، ايدلوجية الهية، ومؤسسة فكرية وعقيدية بناءة وشاملة ومعرفة ظروف ومتطلبات العصر، والفصل بين الحقائق الناجمة عن تكامل العلم والصناعة وبين الظواهر الانحرافية وعوامل الفساد والانهيار)
مطهري يطرح الاسلام بمثابة الطريق ومتطلبات العصر بمثابة المحطات والمنازل، وعليه الطريق ثابت والمحطات والمنازل متغيرة

 يذكر الكاتب ان بشارات وتنبؤات مطهري المستقبلية لتكامل المجتمع والإنسان هي بشارات فلسفية وميتافيزيقية ولا تقوم امام المناهج التجريبية والعلمية وإيمانه يكون بالروحانيات والمعنويات، يقول مطهري (إنسان المستقبل هو حيوان ثقافي وليس حيوان اقتصادي، هو انسان العقيدة والإيمان والمبدأ وليس إنسان البطن والجنس، وأنه سوف يتحرر نسبيا من أسر الطبيعة وأسر قواه الحيوانية).

مطهري يجعل القيم الثابتة معتدة على الدين وان الدين مستند الى القيم الثابتة، ويرى ان القيم تستند الى الحاجات الواقعية للبشر وهي ثابته وباقية للابد ولهذا حسب مطهري بقى القران جديدا دائما.

يرى الكاتب أن مطهري متأثر كثيرا (بأقبال اللاهوري) وبطريقته عن احياء الدين ولكنه يختلف معه في طريقة الاحياء/الاجتهاد، فمطهري يرى ذلك عبر تشذيب الدين في "الفروع" لا إعادة بناءه كما هو حاصل عند إقبال وشريعتي وعبدالكريم سروش الذين يرون انه يشمل حتى الأصول وليس الفروع فقط! ومطهري يرى الاجتهاد القوة المحركة للإسلام.

يرى مطهري ان مياه الإسلام كانت نقية في ينابيعها الصافية ولكنها تلوثت عبر المجاري المختلفة وللتخلص منه علينا بالتصفية وهي " القران أولا والعقل ثانياً والأحاديث والسنن المتواترة عن النبي واهل البيت اليقينية والتي لا مجال للتشكيك فيها ثالثا".

سبل احياء الدين لدى مطهري يلخصها الكاتب في (الدعوة للتوجه العلمي، العودة للنصوص الإسلامية مثل القران ونهج البلاغة بالخصوص، احياء المسلمين بعد الاستقلال الثقافي والقوة الاقتصادية، التعريف بالشخصيات والقدوات الدينية، واخر سبيل هو الاحياء السياسي).

ينظر مطهري الى العلم على انه وسيلة واداة وان الايمان يؤدي دور المرشد في الطريق وليكون الدور مؤثرا يجب ان تكون قيمه مقدسة وان ينظر لها بمنظار الأداة والوسيلة.

مهدي بازرجان (1908 - 1995)

أول رئيس للجمهورية الإسلامية في إيران، ركز جهوده على الفكر الديني والإصلاح الاجتماعي، ويشكل الفكر التجريبي والعلمي اساس تأملاته وأفكاره وحاول في حياته رفع التناقض الوهمي بين العلم والدين.

تأثر بالميزات الاربع للحضارة الغربية وهي (التفكير الديمقراطي والتحرري، الروح الاجتماعية، التفكير العلمي "البرغماتية"، المناهج العلمية).

اشتغل على إصلاح الفكر الديني التقليدي وتقديم صورة عصرية ومقبولة عن الدين، وبرزت كتاباته في الدفاع عن الدين في كل جهاته مثل الشعائر الدينية والتصدي للماركسية في ثلاث جبهات "إثارة التناقضات والمشاكل في النظريات والأفكار، محاربة المادية عن طريق التأكيد على مبدأ الفطرة، الرد على علمية الماركسية".

في رده على الاتجاهات الفكرية الحديثة مثل (القومية "تأليه الشعب والوطن" الليبرالية "التفسخ والخلاعة"، النزعة العلمية "تأليه العلم واعتباره هدف الحياة"، المذهب الإنساني "تأليه الانسان").

يرى بازرجان ان "الانسان على رغم كل ما أحرزه من تقدم وتحضر واكتسابه لوسائل الأمن والرفاهية لم يصل "مطلقا" الى مستوى الطمأنينة والراحة الحقيقية"، ولهذا فهو ينظر إلى الحضارة العصرية بنظرة سلبية ويقول "عندما نتدبر بعمق فيما تفخر به هذه الحضارة من التخطيط والنبوغ او التقدم في الخدمات، نجدها ليست أكثر من مراوحة في مكان واحد او الركض وراء سراب! وأنها كلما أرادت أن تصحح أخطائها السابقة سقطت في خطأ جديد".

ويعدد الأعراض السلبية للحضارة الجديدة (النهم، السكر، الشهوانية، البحث عن الشهرة، الاهتمام بالكماليات وما يقع فيها من الظلم والتعدي والاستعباد والاستغلال والاستعمار والمكائد وعبادة الدنيا)، ولحل هذه المشاكل يؤمن بازرجان أن الأنبياء قدموا منهج صحيح للبشرية عن طريق الجمع بين الدين والدنيا والاجتناب عن الأعراض السلبية للاتجاه الخالص للدنيا او الاهتمام البحث بالآخرة.

يرى بازرجان ان الدين موجود في أوروبا بشكل قوي فيقول " كان الدين ولا يزال موجودا في أوروبا وهو شائع بين الناس، منظم ونظيف ايضا. اي انه يقوم على قلوب سليمة وادمغة مستنيرة، إلا أنه دين ناقص بالنسبة إلى الحاجات المعاصرة".

 تفسيرات بازرجان للقرآن ناجمة عن نظرته العلمية وربط القرآن بالأحداث التاريخية والحياة البشرية ويرى أن(الربع الأول) من القرآن "بملاحظة زمن نزوله" يركز على الاخرة ومستقبل الكون والانسان، و(الربع الثاني) منه يركز على ماضي الاديان والامم السابقة، أما (النصف الباقي) فيهتم بحاضر الاسلام.

ومثال لفهمه العلمي للقران، يفهم مسيرة خلق الإنسان (من صلصال كالفخار، من طين، من حمأ مسنون، من علق) وفق النظرية الداروينية في التكامل الطبيعي.

له موقف سلبي من العلوم الإنسانية المعاصرة لأنها تنفي دور الدين وتبعد الله عن الساحة الدنيوية وتستند إلى نظرية أصالة الانسان ثم تختلق أيدولوجيات ومبادئ أخلاقية كبدائل عن الدين.

بازرجان يرى أن الفقه لا يشكل إلا جزء صغير من التعاليم القرآنية ٢٥% وأن الجزء الأكبر من القرآن يهتم بالقضايا العقائدية والتاريخية والأخلاقية ٧٥% ويرى أن علماء الدين ركزوا على ال٢٥% فيه في رسائلهم العملية وما كي النسيان ال٧٥% من القرآن وفقط يشيرون اليه.

توجه بازرجان في مجال المعرفة الإنسانية ادى ان تكون له نظرة بشرية النبي (ص) في مجال تطوره ونموه.
  
سيد حسين نصر ( 1933)

هو فيلسوف وكاتب ومفكّر إيراني واستاذ في الدراسات الإسلامية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، حاول عرض الروح المعنوية الصوفية/العرفانية للدين، يعتبر من دعاة العودة الى الأصالة والتراث في مواجهة الفكر الغربي، دافع نصر عن الحضارة الإسلامية وثقافتها واستعادة هويتها القومية.

يؤكد نصر ان المسلمين أضفوا الصبغة الإسلامية على الفلسفات اليونانية مثل ارسطو وافلاطون ويرى نصر ان العلوم مثل الرياضيات البابلية والفلسفات اليونانية تفرعت من شجرة النبوة.

يرى ان الحضارة السلامية قائمة على أساس الدين الإسلامي ويعتبر ان القرون الوسطى المسيحية تشابه القرون الوسطى الإسلامية وان سر مشاكل المسلمين في الماضي والحاضر يكمن في نسيان العنصر المعنوي في الثقافة الإسلامية ولهذا السبب يفقد الكثير من الشباب المسلم توازنه الروحي عندما يواجه لأول مره العلم والفلسفة والآداب الغربية ويشعر بالغربة عن تراثه، لذلك يجب تقديم حقائق الإسلام في جوانبها الفكرية والروحية بلغة عصرية بقفهما الشباب الذي بدا ينشا تحت ظل الأنظمة التربية الحديثة.

نصر معجب العرفان الإسلامي بحيث ينظر الى كل شيء من هذه الزاوية.

نصر يعتقد أن الإصلاحيين الدينيين مثل مطهري وشريعتي الخ يريدون تغيير الدين أو اصلاح احكام الله ولا يفهم بأنهم يريدون تشذيب الدين عن الإضافات الدخيلة وفهم الدين على أساس العلوم والمعارف الحديثة، ويختلف مهم فهو يدو للعودة للإسلام الأصل الثابت بدون ان يفصل في ذلك فهو يرى ان الدين من عند الله وهو برئ من أي نقص ولا يحتاج الى اصلاح لان الإصلاح حسب اعتقاده امر مهلك.
  
عبد الكريم سروش ( 1945 -)

عبد الكريم سروش هو الاسم المستعار لحسن حاج فرج الدباغ، والاستعارة هي أسلوب الذين اصطفوا في صفّ معارضة نظام الشاه في إيران، وسروش من مواليد سنة 1945 بطهران، حاصل على درجة الدكتوراه في الصيدلة سنة 1968 من جامعة طهران، اختير عضوًا في لجنة الثورة الثقافيّة وكان مستشار الإمام الخميني في إصلاح الثقافة والتعليم إثر عودته إلى إيران سنة 1979، بعدها استقال وهو الآن باحث زائر في جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الامريكية.

أهم كتاب يبين نظرية سروش حسب المؤلف هو كتاب نظرية القبض والبسط في الشريعة والتي يزعم من خلالها انها تجمع التراث الديني والتجديد بمعنى انها تعتمد على "الفكر الديني التقليدي" وهو الحفاظ على المعتقدات الأساسية وتعتمد النظرية أيضا على " مكتسبات الفكر والمعرفة البشرية" ولكن لم يبين سروش فيها المنهج الذي سلكه ليصل لهذه النظرية أو ان يطرح مستندات خاصة اوصلته الى هذه النظرية بدل ان يكون الإلهام هو ما اوصله الى هذه النظرية.

عصرنه الدين هو اهم ما كان يسعى اليه من خلال هذه النظرية وغالبية موضوعات واعتماد سروش تكون على العلوم الدينية مثل علم الكلام والتفسير والأخلاق وليس على إطار الفلسفة، يرى ان التحول والتطور في المعرفة البشرية والدينية ليست نتيجة مؤامرة ووسوسة شياطين بل نتيجة التغييرات في الكون وحركة الذهن وسعة استيعاب الفهم.

يرى سروش ان الإسلام ثابت وفهمه ليس ثابت، بمعنى إذا قيل كلام مخالف للإسلام فالمقصود انه يخالف فهما اخر للإسلام، ويرى المؤلف ان منهج سروش هو نموذج لمنهج كانط في الفصل بين الدين والمعرفة الدينية وان نظرية الثابت والمتحول هي لإنقاذ ايمان المؤمنين.
يرى أنه من اللوازم المنطقية لنظرية الثابت والمتحول انه على الفرد المؤمن أن يعتقد برغم كل التطورات ان هناك أشياء تبقى ثابته في الدين، وأن الثابت يمكن أن يكون في عصر آخر غير ثابت، فتتحول القضايا الثابتة مثل ضرورة النبوة الى قضايا الدرجة الثانية.

مدخل سروش الى الدين هو عبر مدخل المعرفة الدينية التاريخية وذلك عبر الاهتمام الجدي بآفات الدين.

تصنف بحوث سروش أنها تأتي في إطار التحرر الفكري المسيحي في القرن العشرين ولكنه لا يصل إلى النزعة العلمانية أو الإنسانية بل يحذر من أن تطرح أراءه تحت العنوان العلماني وأيضا هو لا يقول بحصر الدين في العلاقات الشخصية فقط.

سروش لديه اهتمام بنقد النظرة الفقهية الى الدين في مقابل إبراز وجهة الدين العرفانية.

لا يعد سروش المجتهدين من رجال احياء الفكر الديني لأنه يعتبر اجتهاد المجتهدين يكون في فقط تغيير الفروع وليس تحولا في المبادئ والأصول، وهو يعتبر المجتهد هو الذي يجيز الاجتهاد حتى في الأصول وأن الموجود حاليا من هذا الاجتهاد لا يكفي لعمليات الرأي المكررة، فهو يعتبر أن جسم المجتمع قد تضخم وأن ثيابه قد تمزقت ولا يصلحها إلا الفهم الجديد للمبادئ والأسس ويعتبر أن إخفاء القداسة على العلوم والمعارف الدينية هي من الآفات.

في مسألة النبوة يقدم سروش سؤال: هل جاء الأنبياء لكي يعلموا البشر الحد الأدنى مما يحتاجون اليه، أو الحد الأقصى مما يحتاجون اليه؟

ويرى سروش بأن كمال مهمة النبي هو في تعليم الناس الحد الأدنى.

يؤمن سروش بمبدأ التعارض والتلاقي بين العلم والمعرفة الدينية ويرى أن ذلك خير لتطور طرفي التلاقي من وجهة النظر المعرفية، ونظرية سروش في خصوص الثبات والتحول هي حصيلة هذا التلاقي والتعارض بين المعرفة الدينية والعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...