الأحد، 26 أغسطس 2018

التجديد في التيار الإسلامي الشيعي



التجديد في التيار الإسلامي الشيعي



بقلم: أبومحمد 27 أغسطس 2018

في هذا الموضوع سأتحدث عن الحالة العامة للتجديد في التيار الإسلامي الشيعي في جوانبه المتعددة الفكرية والاجتماعية والاصولية والمنهجية والوحدة الإسلامية (أين كنا في مرحلة ما وأين نحن اليوم!).
التجديد كلمة تعني الإصلاح والنهضة والتطور وتعني التفاعل مع الاحداث والحاجة للتغيير والاحساس برتابة الواقع، في البداية سأتحدث عن الظرف التاريخي لعملية التجديد في القرن العشرين بخصوص التيار الإسلامي الشيعي لان مقاربة الموضوع من ناحية تاريخية ومن ثم عقد مقارنة بين الواقع قبل نصف قرن وبين اليوم للوقوف على الوقائع المقاربة تعتبر من اهم الخطوات التي يفترض تعمل عليها وسيكون ذلك عن طريق سرد تاريخي لاهم ما واجهة التيار الاسلامي في العراق وايران واهم الشخصيات التي وقفت على التجديد في كل المجالات.
الحوزة العلمية في النجف الاشرف وقم المقدسة عاشت ابتداء من مرحلة الخمسينيات وتحديدا النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي شهدت حركة جديدة في كلتا الحوزتين اصطلح عليها "حركة الإصلاح" وكانت لها مبرراتها السياسية والاجتماعية والعلمية وما حصل من تحولات سياسية مهمة جدا وذلك بتحول النظام من ملكي الى جمهوري، بالانقلاب الذي قام به عبدالكريم قاسم (1914 – 1963) في العراق عام (1958) والثورة التي قام بها الامام الخميني (1902 – 1989) في عام (1979).
ففي العراق قدر له بان يشهد مرحلة جديدة تميزت هذه المرحلة بدخول الحزب الشيوعي لاعبا أساسيا على الساحة العراقية ولمعرفة حجم تغلل وقوة التيار الشيوعي في العراق فقد صور السيد طالب الرفاعي احد تلامذة الشهيد الصدر  الأجواء بالتالي: تسربت الماركسية الى مواكب العزاء وحتى وصلت الى مواكب النجف الاشرف عبر بعض الرواديد وقصائد مثل الرادود فاضل الرادود والشاعر الشعبي عبدالحسين أبو شبع فكانت مستهلات العزاء اشتراكية وانتشرت صور لينين وستالين على جدران النجف وحتى دكاكين شارع الرسول ملئت واجهاتها بصور ماركس وانجليز ولينين  وذكر الرفاعي انه ذهب مره لمكتبة في النجف ليشتري كتاب فشاهد ان اغلب الكتب الموجودة في المكتبة تعود للشيوعية والماركسية فسال صاحب المكتبة بكم هذه الكتب فقال هي مجان خذ منها! لذا كادت النجف الاشرف ان تكون شيوعية حتى ذكر بعض طلبة العلوم الدينية انهم كانوا يسيرون في مجموعات خوفا من مضايقات الشيوعيين ولمعرفه كيف وصلت الشيوعية لهذا المستوى نذهب الى جذور وبداية قدوم الشيوعية الى العراق.
فلاديمير لينين (1870 - 1924) قام في عام 1917 بقيادة الثورة البلشفية في روسيا وكان شعارها ( الارض، الخبز، السلام) وعليه اطاح بالحكم القيصري في روسيا، ولينين كان متأثرا جدا بكارل ماركس (1818 - 1883) وفريدريك إنجليز ( 1820-1895) وكان الفكر اللينيني هو تصدير الثورة الى غرب أوربا في البداية ومنها للعالم وفي العراق كان هناك مجموعة من الطلبة العراقيين الذين يدرسون في اوربا وشهدوا تلك الثورة البلشفية وتأثروا بها وخاصة عناوينها وشعاراتها البراقة ومنها الاصلاح الزراعي ورعاية العمال وانهاء الاقطاع الزراعي وتحويل ملكية الاراضي للدولة لتوزيعها على الفلاحين، عاد هؤلاء الطلاب الى العراق وهم حاملين تلك الأفكار الاشتراكية وكذلك كان هناك بعض المثقفين ممن تأثروا بأفكار الحزب الاشتراكي الشيوعي الروسي خاصة بعد قيام الثورة البلشفية عام 1917 بفضح اتفاقية سايكس بيكو السرية التي كانت عام 1916 بين البريطانيين والفرنسيين وحصلوا على اوراقها بعد اسقاط القيصر و فنشروها في الصحف ليعرفوا العالم أسباب الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) وعليه أسس العراقيين في عام (1934) الحزب الشيوعي العراقي ليكون بعد ذلك اكبر حزب شيوعي في المنطقة واكبر حتى من حزب تودا الشيوعي في ايران، بعد الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) وانقضاء الحرب اتجه الحلفيان الكبيران الأمريكي والسوفييتي لإعادة التموضع ونقل الحرب الساخنة التي خاضاها "حليفين" الى "حرب باردة" كانا فيها على طرفي النقيض وشكلت أمريكا لها حلف في المنطقة وهو حلف بغداد الذي انشاته عام (1955) للوقوف ضد المد الشيوعي في مقابل ذلك قام النظام المصري بتشكيل حلف مساند للاتحاد السوفييتي فأعلنت مصر الحلف مع سوريا وسميت هذه الوحدة بين مصر وسوريا بالجمهورية العربية المتحدة عام (1958) استمرت نحو أربع سنوات حتى انتهت بانقلاب عسكري في دمشق عام (1961) أما الأردن فلم يعجبه ذلك فاعلن الحكم الهاشمي الملكي عن تشكيل حلف مع بغداد التابعين لبريطانيا كرده فعل على حلف مصر وسوريا في نفس السنة ولكن الامر لم يطل لهذا الحلف حيث قام عبدالكريم قاسم عبر انقلاب عسكري واطاح بالحكم الملكي عام 1958 وقتلت العائلة المالكة وأعلن النظام الجمهوري وقدر للعراق ان يشهد مرحلة سياسية جديدة كان الحزب الشيوعي الدور الاساسي والذي كان داعما أساسيا لعبدالكريم قاسم و في الوقت الذي ودع في العراق الحلف الهاشمي بين بغداد والأردن استقبل غزوا شيوعيا لم تشهده البلاد حيث كان الحزب الشيوعي ممنوع من التحرك في فترة الحكم الملكي وحيث أن القوميون والبعثيون يعادون عبد الكريم لأنه ضد جمال عبد الناصر  وان عبدالكريم قاسم كان يرى أن عبد الناصر يعمل لإسقاط نظامه وأن الشيوعيين قوة تحمي حكمه من القوميين والبعثيين والمتدينين ، لذا تعاون معهم واطلق أيديهم وقد استغل الشيوعيون الفرصة، فأنشأوا المنظمات الشعبية، وأشهرها منظمة أنصار السلام، وسيطروا على أكثر الاتحادات والنقابات، كاتحاد الجمعيات الفلاحية، واتحاد الطلبة وأمسكت هذه المنظمات بالعراق، وكان أسوأها ميليشيا المقاومة الشعبية، التي انتشر مسلحوها في نقاط تفتيش وحكموا البلاد، فكانوا يعتقلون ويُرعبون، أطلق الشيوعيون في وسائل إعلامهم شعار : الدين أفيون الشعوب ! وهي مقولة كارل ماركس عن المسيحية، وصوروا المتدين انه معيق لتقدم المجتمع فكان تحدياً للإسلام وعلماء الدين ومؤسساته، بل قنبلة تدعو إلى الإلحاد، ورفض الدين من أساسه وانتقدوا حتى وجود المساجد والمشاهد المشرفة، خاصة مناراتها وأبوابها المذهبة، فكتبوا على جدار صحن مشهد أمير المؤمنين (ع) شعارات شيوعية تسجل وترسم دون ان تجابه برد فعل ما  بل وبلغت جرأتهم أن صاحب دكان مجاور لمنزل السيد محسن الحكيم ( رحمه الله ) وهو المرجع العام للشيعة في العالم، كان إذا خرج السيد رفع صوت المذياع في دكانه بأناشيد الشيوعيين فكانت موجة الشيوعية أكبر تحدٍّ واجهته الحوزة العلمية في تاريخها الحديث لأنه كان غزوا من الداخل والخارج معا، التحالف بين عبدالكريم قاسم والشيوعيين لم يستمر الا سنوات لخوفه من تغلغلهم ونفوذهم فعاداهم بل وانقلب عليهم في سنة (1959) وابعدهم من الحكومة فكان حكم عبدالكريم قاسم مهزوزا مع وجود كره القوميين والبعثيين له وتوتر العلاقة بين المؤسسة الدينية الشيعية بعد دعمه للشيوعين وتقويتهم وإصداره قانون الأحوال الشخصية وأضاف اليه مواد مساواه الإرث بين الرجال والنساء  وبلغت الأجواء بين عبدالكريم قاسم والمرجعية النجفية الى عدم استقباله وتحريم الشيوعية والتعبير عنها انها "كفر والحاد"، وفي سنة (1963) وبتنسيق وإدارة من (سي آي آيه) كما يذكر الكاتب المصري محمد حسنين هيكل تم الانقلاب على عبدالكريم قاسم من قبل حزب البعث وذلك في اطار رعاية المصالح الامريكية في العراق فتمت تصفيته واعدامه مباشرة بعد تهيئة الأجواء لهم من كل اتجاه، وفي ايران كذلك كان هناك تنظيم للحزب الشيوعي الإيراني الذي أيضا كان ممنوعا في عهد رضا شاه ولكن هذا الامر تبدل في الاربعينيات بعد اعدام اقطابه الأوائل خاصة الدكتور تقي اراني وازداد أيضا المد الفكري الشيوعي بعد عزل رضا شاه فقد أنشأوا رسميا لهم حزب توده عام (1941) وقد أقام الحزب بمساعدة الاتحاد السوفيتي جمهورية مستقلة في أذربيجان بإيران في عام 1945 وساندوا حكومة الدكتور محمد مصدق عام (1951) في موضوع تأميم النفط لتقليل النفوذ البريطاني الأمريكي في ايران لصالح الاتحاد السوفيتي وهو ما يؤكد قوة هذا التيار الشيوعي آنذاك في ايران.

في تلك المرحلة بالتحديد شعر الإسلاميون بأنهم امام غزو لا قبل لهم به وان هذا الغزو الذي لا يستقوي فقط بالدعم السياسي بل ويسانده نظريات فلسفية اجتماعية وتاريخية عريقة جاءت على ايدي مؤسسيه خاصة كارل ماركس وفريديك انجليز لذلك شعر الإسلاميون انهم امام هذا الغزو السياسي والفكري مكتوفي الايدي، في هذا الوقت هناك اشخاص دبت فيهم الغيرة والحمية الدينية في النجف الاشرف وقم المقدسة وقرروا في فترة زمنية متساوية لكن بدون تنسيق ان يجابهوا هذا التيار الشيوعي الماركسي، ففي ايران تزامن ذلك مع حلول مرجعيه السيد البروجوردي عام (1944) في مدينة قم حيث تزعم الحوزة العلمية الفتية في قم المشرفة والتي لم يمضي على ولادة هذه الحوزة سوى ما يقرب 20 عام إذ أسست عام 1922 وكذلك تزامن ذلك مع حلول السيد محمد حسين الطباطبائي الفيلسوف والمفسر المعروف في مدينة قم عام (1945) وفي العراق أيضا كذلك تزامن مع حلول مرجعيه السيد محسن الحكيم عام (1946) في النجف الاشرف وكذلك تزامن ذلك مع حلول السيد محمد باقر الصدر النابغة والفيلسوف المعروف، حيث تحرك عدد كبير من العلماء الفتية لانهم في تلك المرحلة كانوا لا يزالون في مرحلة شبابهم فعاشوا هموما لم يعشها الكبار وفي تلك المرحلة ولحسن الحظ وجدوا من يساندهم مثل المرجع السيد محسن الحكيم والسيد البروجوردي حيث وجدوا فيهم خير مساند وخير داعم حيث استطاع هؤلاء الفتية في حوزة قم مثل (السيد الطباطبائي والخميني والسيد مطهري والسيد محمد حسين البهشتي والسيد موسى الصدر وعلي شريعتي والشيخ ناصر مكارم شيرازي والشيخ جعفر السبحاني الشيخ جوادي املي، الخ) وكذلك في النجف الاشرف مثل (السيد محمد باقر الصدر والسيد مرتضى العسكري والشيخ عبدالهادي الفضلي والسيد محمد حسين فضل الله والشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد محمد باقر الحكيم ومحمد امين زين الدين والشيخ محمد جواد مغنية، الخ) ففي النجف الاشرف قامت الحوزة بتشكيل (جماعة علماء النجف) عام (1959) لتكون جبهة المواجهة، وتتخذ المواقف وتصدر البيانات والتوجيهات للناس وتنتقد الشيوعية وافكارها فكان تشكيلها بدعم مرجعية السيد محسن الحكيم ويترأسها الشيخ مرتضى آل ياسين، وفي المواجهة السياسية تم تأسيس حزب الدعوة الإسلامي بعد جماعة علماء النجف، هؤلاء العلماء جمعهم هم واحد وهو هل انهم يستطيعون ان يتصدوا الى هذا المد الشيوعي الجارف وهو الذي يثير سؤالا أساسيا في وجهنا وهو اننا نحن ندعي بأننا اتينا بنظام يستطيع ان يدير دفه هذا العالم فهل تملكون انتم أيها الاسلاميون مقابل ذلك؟ هذا السؤال كان الهاجس الاساسي الذي ارق جفون هؤلاء الفتية من العلماء ومن هنا اتجهوا الى محاولة التذليل على ان هذا النظام الفكري الوافد سواء الشيوعي او الراس مالي ليس من يحتكر امتلاك نظام يستطيع أن يدير هذا العالم واننا نستطيع من خلال النصوص الإسلامية ان نستخرج ما يبرر وما يؤكد ان النظام الإسلامي نظام يستطيع ان يدير الجهة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية والتربوية الخ وولدت في تلك المرحلة مجموعة من الاطروحات الفكرية لا زالت الى يومنا هذا من انصع الكتب التي قدمتها الحركات الإسلامية فولد على سبيل المثال "أسس الفلسفة والمذهب الواقعي للطباطبائي وتلميذه المطهري والذي سعي فيه لتبيان وتوضيح كل الانحرافات المادية الديالكتيكية وولد كتاب فلسفتنا الذي السيد الشهيد محمد باقر الصدر والذي تم الحرص على ان يتحرك على جبهتين جبهة فكرية يحاول من خلالها ان يدلل ويؤكد على ان للإسلام نظام فلسفي ورؤية كونية ولديه مفاهيم نستطيع من خلالها ان نقابل المد الشيوعي الوافد وفي الوقت نفسه كان يتحرك في الجانب النفسي لانه كان حريص في سلسلة كتبه فلسفتنا واقتصادنا ومجتمعنا من خلال هذه العناوين ان يبعث لهذه الجماهير الشابة بنحو من الاطمئنان والقوة أن تجعلهم يطمئنون بان "لا وجود يقابل وجودهم" ولتبيان بان لنا كيان ليس باقل من الكيان الذي يأتي به الطرف المقابل من هنا انتعش حال الحركة الإسلامية بعد صدور هذه الكتب وأيضا هناك كتب للبقية من العلماء في جوانب متعددة لا نستطيع تعدادها وبهذا نستطيع القول بأن الحالة الإسلامية بعد هذا الكتب كانت شيء وقبلها شيء اخر وهذه الكتب استطاعت ان تمد للحالة الإسلامية روح جديدة وعليه انبعث الامل من جديد في نفوس هؤلاء الشباب وراحوا يؤسسون المجلات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي يعالجون فيها موضوعات من هذا القبيل فظهرت على سبيل المثال في قم المقدسة سنة (1958) مجلة مكتب الإسلام والتي كان على راسها "الشيخ جعفر السبحاني" وبرزت في النجف الاشرف مجلة الأضواء الإسلامية سنة (1960) والتي تشرف عليها اللجنة التوجيهية لجامعة العلماء وغيرها من المجلات وعلى طول هذه السلسلة استطاع السيد الطباطبائي في قم المقدسة ان يتمرد على الواقع الذي تعيشه الحوزة العلمية في قم من خلال نبذها الدرس الفلسفي واستطاع من خلال تضحياته الجسام جدا مثل "قطع رواتب اكثر من مائه طالب يحضر درس الفلسفة عنده" من قبل المرجع البروجوردي بعد تحريض المتشددين في الحوزة على السيد الطباطبائي وطلب منه تدريس الفلسفة بشكل خفي وليس علني وبعد رسالة من الطباطبائي للسيد البروجوردي وافق المرجع على تدريس المادة بشكل علني، وهذا مما يبين لنا مدى التراجع وعدم ادراك مقتضيات العصر في الحوزات ومدى التضحيات التي تم تقديمها لأجل النهوض من واقع الى واقع اخر فاليوم اذا كان في حوزة قم المقدسة من يستطيع ان يدرس القران والتفسير والفلسفة بنحو علني فهذا كله مدين الى تضحيات وجهود السيد الطباطبائي. في النجف الاشرف بخصوص درس تفسير القران والفلسفة ألتفت الى ذلك السيد محمد باقر الصدر حيث انه قبل فترة من استشهاده عمد الى تحويل جزء من درسه الاصولي الى درس في التفسير القران.

المكاسب التي حصل عليها التيار الديني  في تلك المرحلة:
1- مجموعة من الكتب خاصة كتابات "السيد الصدر، مطهري، الطباطبائي" استطاع من خلالها التيار الديني ان يبين للعالم بإن الدين الإسلامي لديه نظام معرفي متكاملا ومن هذه الكتب تم التدليل في كثير من المواقع على ضعف تلك الأنظمة الوافدة وان النظام الإسلامي هو الأمثل للحل ويستطيع ان يقود الحياة.
2- تم في تلك المرحلة رجوع الاخر المذهبي "السني" الى كتابات المفكرين في المذهب الشيعي، بمعنى ان هؤلاء العلماء المفكرين في المذهب الشيعي لم يتقوقعوا ولم يكونوا علماء لطائفتهم فقط بل كانوا لجمهور الإسلام بمختلف طوائفه وذلك عبر الطرح والتعبير وجودة المباني التي اقترحوها جعلت منهم مرجعا إسلاميا.
3- تم تكوين جسور قوية امتدت من طرف اهل السنة باتجاه الحوزة العلمية في قم مثل الشيخ محمود شلتوت/الشيخ أحمد حسن الباقوري المرجع البروجوردي وباتجاه الحوزة العلمية في النجف الاشرف حتى ان الامر في السبعينيات كانت هناك شرائح من المثقفين المصريين باتت ترجع الى السيد محمد باقر الصدر من خلال كتابه الفتاوي الواضحة لهذا نشهد ان هناك شرائح من اهل السنة يرجعون الى الفتاوي الواضحة في بعض المسائل.
4- من مكاسب تلك الفترة رجوع الإسلاميين السنة الى المفكرين الشيعة مثل ما حصل في سنة (1967) فقد تسلم الشهيد الصدر رسالة من اللجنة التحضيرية "لبيت التمويل الكويتي" المُشكلة من قبل وزارة الأوقاف الكويتية من اجل وضع نظام بنك إسلامي غير ربوي في الكويت واعطت السيد الصدر مهلة (6) شهور من اجل الجواب واجتمع مع ثلاث مختصين بالأمور المصرفية للاستفسار حول المعاملات المصرفية وكيفية انشائها وبذلك كتب الشهيد الصدر كتاب (البنك اللا ربوي في الاسلام - اطروحة للتعويض عن الربا ، ودراسة اوجه نشاطات البنوك في ضوء الفقه الاسلامي ).
5- يذكر التونسي الدكتور عبدالباقي الهرماسي في مجموعة بحوثة بعنوان " الاسلام الاحتجاجي في تونس" «ومن بين الكتاب الذين هم أكثر رواجاً لدى الإسلاميين والذين وقع ذكرهم في هذا الشأن، نجد محمد باقر الصدر وسيد قطب وعلي شريعتي» وقد وضع الدكتور الهرماسي نسباً بيانية لقراءات الإسلاميين التونسيين من الكتب، فيحتل فيها السيد محمد باقر الصدر الرقم الأول بعد القرآن الكريم مباشرة، ففيما يحتل القرآن الكريم نسبة 73 %، يحتل الصدر من بعده نسبة 54 %، وسيد قطب 35 %، ثمّ علي شريعتي 31 %.

أين كنا وأين نحن اليوم؟
1- الظاهرة التي شهدناها في الستينيات والسبعينيات للأسف الشديد محرومون منها اليوم لأننا لا نجد ان هناك جسور ممتدة بين مذاهب الدين الإسلامي الواحد مع انها كانت مفعله جدا في تلك المرحلة.
2- كان مقدرا أن نشهد مرحلة ثورة ونهضة جديدة في الفقه بعد انتصار الثورة في ايران بحيث تتعمق وتتجدر لان حال الفقه والفكر في ظل وجود حكومة غير حالة في ظل غياب هذه الحكومة وعلى سبيل المثال كان يرى السيد الصدر بان المرحلة باتت متهيئة الى أن نشهد انقلاب جديد في الفقه والمعرفة التي ندرسها في الحوزات لأنه هناك انكماش للفقه الشيعي في مقابل الفقه السني وأحد مبرراته أن الفقه الشيعي كان منكمشا في القرون الهجرية الأولى في مقابل الفقه السني والذي كان يعيش فترة الحكم اما الفقه الشيعي فلم يكن في مرحلة الحكم ومرحلة الحكم بطبيعتها تستوجب اثارة جملة كبيرة المشاكل وبالتلى هذه المشاكل تحتاج الى حلول وهذه الحلول يجب ان يعالجها الفقه.
3- كان من المفترض أن يحدث تحول فني وهو ان هذا الفقه من المفترض أن ينتقل من وضع معالجة الفقه الفردي الى معالجة الفقه الاجتماعي هذا ما كان يعيشه الصدر ومطهري والطباطبائي في تلك المرحلة.
4- في التسعينيات شهدنا على صعيد الطائفة للأسف الشديد حروب بينيه باسم الدفاع عن المذهب وباسم الدفاع عن العقائد الحقة وأدت هذه الحروب داخل الطائفة الى تشرذم والى تكتلها في "معسكرين" معسكر دافع عن هذه الأفكار ومعسكر دافع عن الأفكار المقابلة وكان من الممكن ان تتم معالجة هذا الملف معالجة مختلفة.
5- من اثار أزمة التسعينيات ان الشخص الذي مترقبا منه ان يطور في انظمته الفكرية بات اشد تمسكا بها لا لأنه مقتنع بها بل لأنها باتت تلازم وجوده في ظل هذه الازمة وبحيث انه بات يدافع عنها بطريقة غير مستساغة وهو ما أدى الى تقهقرنا الى الوراء والى الرجوع لما قبل الستينات ذلك كله نتيجة هذا الشحن الطائفي الذي عشناه والذي أدى الى التشرذم.
6- شهدنا في الفترة الحالية هدم كل الجسور التي كانت قد بنيت بين مذاهب الدين الإسلامية الواحد لذلك لم يعد الاخر المذهبي ينظر اليك بوصفك مرجعا يمكن ان تكون موطنا لحل المشاكل وذلك لصورة الانقسام الذي حصل للطائفة نفسها بالإضافة للجانب السياسي الذي نعيشه.
7- هناك مشاريع كانت في الستينيات والسبعينات كانت قد بدأت لتطوير الفكر والفقه الشيعي لم يكتب لها الاستمرارية الى اليوم! مثل مشروع كان للسيد محمد باقر الصدر على صعيد الروايات وهو العمل على تقسيم الروايات من حيث قوة سندها ومن حيث دلالاتها الى أربع دوائر وتكون الدائرة الاضيق هي الدائرة التي تحتوي على الأحاديث قطعية السند وواضحة الدلالة فقط وتكون هذه الأحاديث هي فقط التي ينبغي ان تكون الغذاء الفكري للامة والتي يجب ان تطل الحوزة على الامة من خلال هذه الدائرة الضيقة من الأحاديث.

المؤمل:
 أولا: هناك تياران تجديديان داخل الوسط الحوزوي التقليدي والتجديدي والتجديدي ينقسم لقسمين متدرج في التجديد واخر يذهب للتجديد مباشرة واليوم مثلا هناك تيار يحاول تجديد الفكر والمفاهيم الإسلامية من الداخل ويحاول تطوير اللغة الى لغة عصرية تناسب العصر ومن رموز هذا التيار (المرجع ناصر مكارم الشيرازي) حيث له بحث عن رمي الجمار وان للحاج الخيار بضرب الشاخص "العمود" أو الارض المحيطة بها لأنه حسب رايه لا يوجد شاخص في العصور السالفة والعمود مجرد دلاله على موقع الجمرة و(المرجع السيد علي الخامنئي) الذي قدم تطويرا إداريا في الحوزة مثل تطوير المناهج وإدخال مواد عملية والعلوم الحديثة وتدريس الأديان المختلفة واللغة الاجنبية ووضع شروط لقبول طالب الحوزة وهناك (المرجع يوسف الصانعي) الذي له اراء جريئة ومستحدثة مثل مساواة الديه بين المرأة والرجل وعدم اشتراط الذكورة في الولاية والحكم والمرجعية وسائر شؤون الفقيه، والمعيار لديه هو الفقه والتقوى وهناك (المرجع السيد محمود الهاشمي الشاهرودي) الذي له اراء بشان دلالة آية الخمس خلافا للسائد وغيرهم من المراجع الذين يتقدمون بشان التجديد الداخلي التدريجي.

ثانيا: يذكر الشيخ حيدر حب الله نقطة مهمة في التواصل بين الاخر المختلف وهي أنه "يجب تطمين النفوس"، ويجب ان يكون هناك تعامل خاص مع اي جهة قلقة، لان الانسان القلق يقرا الامور بطريقة مختلقة عليك ان تعطيه الطمأنينة، بعض النقاد الذين اشتغلوا بعملية النقد الديني لم يراعوا هذا القلق الموجود عند الفريق الاخر وطريقة النقد احيانا طريقة جارحه خاصة لفريق القلق، يجب ان يشعروا بجد بانك متحرق على الدين مثلهم، هناك ازمة ثقة قبل ان تكون ازمة معرفة مثلا هناك فريق يقول انكم قدمتم السياسة على الدين وفريق اخر يقول انتم انعزاليون ورجعيون ومتخلفون، وذلك راجع للجفاء بين الفريقين عدم وجود تواصل يسبب صور متعددة والمطلوب المبادرة من كلا التوجهات حيث وضع المنطقة كله في حالة تشنج وذلك راجع لتشنج طائفي ومذهبي صنعة الغرب في المنطقة فلا تستطيع ان تقول ان المشكلة فقط داخل الحوزة لان هذا الوضع المتشنج في المنطقة الخارجي يرمي بثقلة على وضعك الداخلي فاذا ارتاحت الأوضاع السياسية والمذهبية انزاحت ازمة الهوية لدى الجميع كل واحد يخاف على وجوده وهويته وهي تمثل ازمه الثقة وهو ما يعطل النهضة.

ثالثا: هو ذكره هؤلاء العلماء والمفكرين المجددون الذين ذكرناهم والذين يعتقدون بان التجديد والإصلاح ينبغي بان ينبثق من رحم الحوزة وهي المؤسسة الدينية فالعودة لما كتبه هؤلاء العظام أمثال الشهد الصدر في أطروحة المرجعية الصالحة/الرشيدة وما فعله الشهيد مرتضى مطهري من خلال من كثير من عمليات النقد التي مارسها لأجل تطوير المؤسسة الدينية أو ما طرحه السيد محمد حسين فضل الله من مشروع المرجعية المؤسسة هو ما سينقل الواقع اليوم لأفضل مما كان واقوى من السابق.

رابعا: وضع "خطة تبليغيه للحوزة العلمية" حيث يقول (السيد منير الخباز ) بهذا الخصوص، لقد ذهبت للعراق فوجدت ان اتجاه الشباب يتجه الى التيار اللا-ادري واللا-ديني والتيار الالحادي من المسئول عن ذلك؟ الشباب في الغرب الذين نلتقي بهم ونجلس معهم ونرى مظاهر الانحراف الفكري والسلوكي لذا نسأل اين الخطة التبليغية؟ انا ابن الحوزة ومن داخل الحوزة وانا أستاذ في الحوزة وصار لي 40 سنة في الحوزة وأقول ذلك اين الخطة التبليغية؟ الخطة التبليغية التي تعتمد على "ثلاث ركائز":
الأولى: اعتماد تخصصات علمية من علم النفس والاجتماع والإدارة تسهم في فاعلية الخطة التبليغية.
ثانيا: اين الدراسات الميدانية لواقع الشيعة ولواقع المسلمين والشباب الفكري والسلوكي في مختلف المناطق؟.
ثالثا: اين الحلول الفكرية وأين الحلول التربوية التي وضعت على طاولة المناقشة ودرست دراسة مستفيضة ثم رسمت.
لذلك نتساءل باستصراخ واستغاثة اين الخطة التبليغية التي تعتمد هذه العناصر والاسس والركائز اليس من حقنا ان نسأل ونصرخ ونستغيث؟ الوضع الشبابي الفكري والسلوكي ينهار بكل سرعة ونحن ما زلنا بطيئين جدا ومازال عملنا بطيئا جدا! أليس من حقنا ان نسأل اين الخطة التبليغية؟ ويظهر لنا سؤال لماذا انتم تطرحون هذه القضايا على المليء العام لماذا لا تطرحونها في داخل الحوزة وتناقشون العلماء في داخل الحوزة هذا تسائل صحيح ونحن أيضا نقول هذا طرحناه في داخل الحوزة نحن تحدثنا مع جملة من العلماء جملة من الخطباء جملة من الأستاذة جملة من المنظرين وقلنا ان الوضع في انهيار وانه يحتاج الى خطة وعمل مدروس وأقول الى الان ممكن يوجد في الحوزة همم وارادات جدية وعقول مفكرة وعقول منظرة لا ننكر ذلك ولكن الى الآن لم ترسم هذه الخطة التبليغية رغم وجود الكفاءات والقدرات العلمية والمعرفية في الحوزة العلمية الى الان لم تحصل! نحن نطلب ان تحصل ونناشد ان تحصل من داخل الحوزة ومن خارجها.

"أنتهى"
المصادر:
1- كتاب الحركة الإسلامية الشيعية في العراق.
2- كتاب محمّد باقر الصدر.. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج1،2.
3- كتاب الطائفية، الطائفية، الطوائف المتخيلة (الجزء الخاص بالعراق).
4- الشيخ عبدالهادي الفضلي وتجديد مناهج التعليم الديني.
5- كلمة السيد منير الخباز " دور المؤسسة الدينية في مسيرة الأربعين".

الجمعة، 3 أغسطس 2018

زين الدين: تسمية الحشاشون جاءت من الغربيين ليفسروا السلوك الغريب لعمليات الاغتيال


في ندوة دعت لها مبادرة القراء البحرينيين
 زين الدين: تسمية الحشاشون جاءت من الغربيين ليفسروا السلوك الغريب لعمليات الاغتيال


تغطية – أبومحمد 2 أغسطس 2018

رابط تسجيل فيديو الندوة
https://youtu.be/o9Oi_pAwSQ0

ليلة الجمعة 2 أغسطس كان اول حضور لي للندوات التي تدعوا لها مبادرة القراء وكانت هذه المرة أمسية تاريخية بخصوص موضوع (الحشاشون) لأستاذ متخصص في التاريخ وكثير الاطلاع من كل الاتجاهات وهوالاستاذ/ فاضل زين الدين وهو ما أثبته في كم المعلومات والتفاصيل الغائبة عن الكثيرين ممن قرا عن الإسماعيلية والنزارية والحشاشون و(انا) منهم.

ملاحظة: هناك إضافات وتفاصيل وضعت من قبلي لم تكن في الندوة وتم تعديلها من قبل الاستاذ فاضل زين الدين.

رواية فلاديمير بارتول "آلموت" المنشورة سنة 1938 م. يتكلم بارتول في روايته عن حسن الصباح وفدائيي ألموت وتقويض حكم السلاجقة. وتدور القصة حول الشخصية الخيالية "ابن طاهر" وهو الذي انضم إلى فدائيي ألموت حسب رغبة اهله. وتلقى خلال ذلك التدريبات اللازمة. حتى حان الوقت لتفيذ عملية الاغتيال الأولى وكانت ضد الوزير السلجوقي نظام الملك. فنجح ابن طاهر إلى اغتيال نظام الملك لكنه اكتشف فور تنفيذ الاغتيال انه تم خداعه. فيقرر العودة إلى ألموت لاغتيال حسن الصباح.
ويظهر بارتول الحشاشين بصورة سلبية. ويظهر حسن الصباح (1094-1124 ) على انه شخصية متلاعبة وعديمة الضمير. وقد يكون ذلك بسبب تأثر الكاتب باغتيال الكسندر الأول ليوغسلافيا. فلاديمير بارتول أعتمد على مصادر في روايته "ألموت" وهذه المصادر هي ما كتبة الرحالة المعروف " ماركو بولو" وهو رحالة عالمي مثل ابن بطوط وصنف انه من اهم المصادر التي اعتمد عليها والسؤال هو من هو "ماركو بولو"؟
ولد سنة (1254) ميلادي، كان هو وأبوه نيكولو وعمه مافيو أول الغربيين الذين سلكوا طريق الحرير إلى الصين واسقر هناك لسنوات وكان مقرب جدا لحاكم الصين  قوبلاي خان وحفيد جنكيز خان وقد وثق سلسلة مغامراته في كتابه ورجع بلدة بعد 24 عام سنة 1295 الى مدينته وكانت البندقية في حال حرب مع جنوى فقبض وأسر "ماركو بولو" وأودع في السجن وكانت اغلب قصصه مكتوبة وقصاها داخل السجن فيا ترى ماذا قال ماركو بولو عن الحشاشون في حكايته التي باتت تعرف بـ"أسطورة الفردوس" والتي وصف فيها قلعة ألموت:" أنه كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هي الجنة، وقد كان ممنوعاً على أيّ فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرّر أنهم سينضمون لجماعة الحشاشين. كان شيخ الجبل يُدخِلهم القلعة في مجموعات، ثم يُشرِبهم مخدّر الحشيش، ثم يتركهم نياماً، ثم بعد ذلك كان يأمر بأن يُحملوا ويوضعوا في الحديقة، وعندما يستيقظون فإنهم سوف يعتقدون بأنهم قد ذهبوا إلى الجنة، وبعدما يُشبعون شهواتهم من المباهج كان يتم تخديرهم مرة أخرى، ثم يخرجون من الحدائق ويتم إرسالهم عند شيخ الجبل، فيركعون أمامه، ثم يسألهم من أين أتوا؟، فيردون: "من الجنة"، بعدها يرسلهم الشيخ ليغتالوا الأشخاص المطلوبين؛ ويعدهم أنهم إذا نجحوا في مهماتهم فإنه سوف يُعيدهم إلى الجنة مرة أخرى، وإذا قُتلوا أثناء تأدية مهماتهم فسوف تأتي إليهم ملائكة تأخذهم إلى الجنة!"
هذا باختصار ما ذكره ماركو بولو واعتمد عليه فلاديمير بارتول، ونطرح السؤال مره أخرى متى ولد ماركو بولو؟ سنة 1954، وعندما هدمت قلعة ألموت سنة (1956) كان عمر ماركو بولو "سنتين" كان هناك شخص اسمه الجويني ذكر ان القلعة أصبحت اثرا بعد عين بينما ماركو بولو أورد قصة وكانه كان موجوداً! ولكن دائما مصادر ماركو بول كانت تبدا بــ "سمعت القصة" وهي جملة غالبية حكايات ماركو بولو تبدا بها أنه سمع ولم يرى زمنها قصة قلعة ألموت.

عزيزي ماركو هل ذهبت للصين أصلا؟ هذا سؤال تم تداوله مؤخرا وهناك كاتبة أوربية اسمها فرانسيس وود كتبت كتاب اسمه "هل ذهب ماركو بولو الى الصين؟" لان كثير من الاحداث التي يذكرها ماركو بول لا توجد في الصين واهم الأشياء مثل سور الصين العظيم واستخدام عيدان تناول الطعام أو شرب الشاي وغيرها لا يكتب عنها وكتب أمور جانبية ولهذا طرحت سؤال هل ذهب للصين أصلا؟ ولهذا يثبت ان اغلب حكايات ماركو بولو انه سمع ولم يرى ما حكاه. وقد اشتهر كتابه في الغرب باسم "كتاب المليون كذبة".
هناك شخص اخر وهو فلاديمير إيفانوف (1886 – 1970): مستشرق روسي ورائد متقدم، بل ومُؤسس، في الدراسات النزارية الإسماعيلية الحديثة سافر لمرتين وعاين قلعة آلموت لدراسة ما ذكره ماركو بولو عن الجنة في ألموت فقال بعد مشاهدته "أي جنة في أرض يجتاحها الشتاء بجليدة سبة أشهر من العام، حتى يحولها الى ارض غير ذي زرع" الى ذلك سنتنتح ونفهم الاتي: أن العقلية الأروبية وجدت سلوك وأسلوب الحشاشين سلوك عجيب وغريب ولأجل تفسير هذا السلوك أوجدوا اسطورة الجنة في قلعة ألموت.

الحشاشون تاريخيا هم شيعة اسماعيلية امنوا بأمامه الامام علي (ع) الى الامام جعفر الصادق (ع)  ثم حدث الإنشاق المهم فقسم امنوا بإمام الامام موسى الكاظم (ع) بن الامام جعفر الصادق ويسمون بالشيعة الاثنا عشرية وقسم أمنوا بإمامة أسماعيل بن الامام جعفر الصادق (ع) ويسمون بالإسماعيلية، وهناك رايين حول إسماعيل الأول "ويقولون ان إسماعيل صحيح أنّ انه مات زمن أبيه ولكن الإمامة كانت فيه، وإنّما تنتقل منه إلى ابنه محمّد بن إسماعيل، الذي هو الإمام الثاني للإسماعيلية وهذا الراي عليه غالبية الاسماعيلية، الراي الثاني: أنّ إسماعيل لم يمت في حياة أبيه، وإنّما كان إظهار موته من أجل التستّر عليه وحفظه، وأنّه بقي حيّاً بعد أبيه. وان الإسماعيلية في هذه المرحلة دخلوا مرحلة تسمى الستر الى ان وصلوا الى مرحلة تسمى عبدالله المهدي أحد احفاد إسماعيل وظهر في المغرب واقام له دولة الى ان وصلت هذه الدول الى مصر  وأصبحت الخلافة الظاهرة الى ان وصلت الخلافة الظاهرة الى شخص اسمه أبو تميم المعز المستنصر بالله وفي عهدة حصل في مصر ما سمي "بالشدة العظمى" أي المجاعة بسبب الفساد الإداري والمالي وانخفاض منسوب المياه في نهر النيل واستمرت هذه الشدة لمدة 7 سنوات واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرائها. بل أن بعض المؤرخين ذكروا اكل الناس جثث من مات منهم . وصاحب هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بالناس حتى قيل: إنه كان يموت بمصر عشرة آلاف نفس، ولم يعد يرى في الأسواق أحد، ولم تجد الأرض من يزرعها الى ان استعان المستنصر بشخص اسمه بدر الدين الجمالي للخروج من الازمة لم يكن أمام الخليفة المستنصر بالله للخروج من هذه الأزمة العاتية سوى الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الدولة التي مزقتها الفتن وثورات الجند، وإنهاء حالة الفوضى التي عمت البلاد، فاتصل ببدر الجمالي واليه على "عكا"، وطلب منه القدوم لإصلاح حال البلاد، فأجابه إلى ذلك، واشترط عليه أن لا يأتي إلا ومعه رجاله، فوافق الخليفة على شرطه.

وما إن حل بدر الجمالي بمدينة القاهرة حتى تخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة، وبدأ في إعادة النظام إلى القاهرة وفرض الأمن والسكينة في ربوعها، وامتدت يده إلى بقية أقاليم مصر فأعاد إليها الهدوء والاستقرار، وضرب على يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد ولم يكن للوزير بدر الجمالي أن يقوم بهذه الإصلاحات المالية والإدارية دون أن يكون "مطلق اليد"، مفوضا من الخليفة المستنصر، وقد استبد بدر الجمالي بالأمر دون الخليفة، وأصبحت الأمور كلها في قبضة الوزير القوي، الذي بدأ عصرا جديدا في تاريخ الدولة الفاطمية في مصر.
في هذه الفترة كان هناك شخص اسمه الحسن بن الصباح وقد علم ان قوة سلطة الجمالي هي من ستعين اسم الخليفة القادم وان هناك سعي لاستبدال نزار بأحمد، لذلك هرب الحسن بن الصباح من مصر الى فارس وكانت تحت حكم الدولة السلجوقية ويؤسس لدولة النزارية في قلاع ألموت سنة 1090 وهي قلعة حصينة جداً، عند وفاة المستنصر بالله نشب خلاف بين من رأوا أن الإمام هو ابنه أحمد المستعلي بالله وبين من رءوا أن الإمام هو ابنه الآخر نزار المصطفى لدين الله، وبتدخل الأفضل شاهنشاه إلى صالح الأول استقر النزاع لصالحه، فجلس المستعلي على عرش الفاطميين، وهذا ما فطن له الحسن بن الصباح سابقا فكان ذلك انشقاقا في الإمامة الإسماعيلية بين (مستعلية ونزارية).
ومن قلعة ألموت بدا الحسن بن الصباح نضالا بهدف استعادة صاحب الحق الأصلي والشرعي نزار صاحب الحق بالخلافة، وبدا الحسن بالتوسع وأخذ الكثير من القلاع والأماكن الصالحة لبناء القلاع الحصينة، وقد تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على قلعة لمبسر عن طريق هجمات جنوده عليها ما بين عامي 1096 و 1102 بقيادة عامله "بزرك آميد" وحكمها عشرين عاما، وقد كانت قلعة استراتيجية مهمة وقائمة على صخرة مدورة تطل على شاه رود، وعن طريقها تمكن حسن الصباح من الاستيلاء على كل منطقة رودبار، وبعدها ارسل مجموعة من اتباعه في عملية اشبه ما تكون بانتحارية من فارس الى الشام وقال لهم أسسوا دولة نزارية في الشام باستخدام القلاع الجبلية وكان ذلك كالسكين في خاصرة الدولة الفاطمية والصلبيين والعباسيين زجوا بأنفسهم وسط منطقة ملتهبة.
النزارية بعد وفاة الحسن بن الصباح سنة 1124  الذي كان باب للأمام ولان الامام لازال مستتر وغائب،  استلم الحكم بعد شخص اسمه بزرك آميد (1124-1138) وسار على نهج الحسن بن الصباح وبعد بزرك آميد حكم ابنه محمد (1138-1162) وبعد محمد جاء شخص يسمى الحسن (1162-1166) وقال انا لست ابننا لمحمد بزرك آميد بل انا الامام الحسن حفيد الامام نزار  وانه قد حان الوقت بعد استتباب الدولة ان لا يبقى الامام مستورا بل معلنا  ليكون اول من يعلن عن نفسه وقد اعلن عن القيامة ودخول النزارين في طور جديد من تاريخها الديني وكان الحسن الثاني قد استند الى التأويل والتقاليد السابقة لأجل تفسير القيامة للنزاريين تفسيرا روحيا ورمزيا وطبقا لذلك لم تعد القيامة تعني اكثر من ظهور الحقيقة المكشوفة في شخص الامام النزاري وبعده جاء ابنه نورالدين محمد الثاني ابن حسن الثاني (1166-1210 ) وبعده جاء ابنه جلال الدين حسن الثالث ابن محمد الثاني (1210-1221) فقام بخطوة جريئة بإصدار امر لاتباعه بتطبيق الشريعة في صورتها السنية وتغيير الاذان الشيعي الى الاذان السني وبذلك انضم للإسلام السني، وسارع الخليفة العباسي الناصر سنة 1211 ميلادي الى الاقرار بخطوات التقارب النزاري مع الاسلام السني فأصبحت حقوق جلال الدين حسن الثالث بأراضي النزاريين معترف بها رسميا للدولة العباسية، وبعدها جاء أبنه علاء الدين محمد الثالث ابن حسن الثالث (1221-1255) الذي أعاد العقيدة النزارية كما في السابق ثم جاء اخر من حكم قلاع الموت هو ركن الدين خورشاه ابن محمد الثالث (1255-1256)، الذي استسلم لهولاكو خان سنة 1256 وقتل أثناء عودنه من عند قوبلاي خان وبذلك انتهى حكم النزاريين لقلاع ألموت.

في قلاع ألموت تم تربية جيل فدائي وجهاديا بامتياز هذا الجيل تم تربيته تربية عسكرية كان أكثر ما يميزهم هو استعدادهم للموت في سبيل تحقيق هدفهم. وكان على الفدائيون الاندماج في جيش الخصم أو البلاط الحاكم بحيث يتمكنوا من الوصول لأماكن استراتيجية تمكنهم من تنفيذ المهمات المنوطة بهم وبسبب هذا الجيل صدرت لنا اسطورة الجنة التي تحدث عنها ماركو بول، هذا الجيل تم تربية على عقيدة الفداء وليس تحت تأثير أي مخدر  بل يقومون بذلك ايمانا بقضيتهم ويقومون بعمليات عسكرية امام  الجميع ليوصلوا رسائل لجميع الجهات وإرهابها على سبيل المثال قاموا باغتيال الكثير من الشخصيات منها: نظام المُلك الذي كان وزيراً متنفِّذاً في الإمبراطورية السلجوقية الكبرى التي امتدّت من تركيا إلى أفغانستان والذي اقام حصارا على النزاريين، في العام 1092، تقدّم عابرُ سبيل صوفيّ من هودج نظام المُلك؛ وكون الأخير معروفاً بتدينه، فطلب من الرجل أن يقترب. وفي الحقيقة لم يكن الرجل سوى قاتل من الحشاشين طعن نظام المُلك بخنجر كان يُخفيه فقتله، وبعده جاء ابنه فخر المُلك واستمر في حصاره وأيضا اغتيل على يد الحشاشين والحقوه بوالده وبعده جاء الثالث ففضلوا الانسحاب، فقد عرفوا انهم يواجهون تنظيم منظم يستطيع الوصول الى أي مكان يريدونه ومن الاغتيالات اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله الذي كان اسيرا لدى السلاجقة والذي كان مكرما معززا عنده امتدت له يد الحشاشين فطعن بخنجر وقتل وأيضا الخليفة العباسي الراشد فقد استطاعوا الوصول الى سردابه بالخيمة واغتياله وأيضا اغتيال الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله ابن المستعلي حيث بعد الانشقاق بين المستعلية والنزارية ارسلوا اليه مجموعة من الحشاشين واغتالوه وبعده دخلت الدولة الفاطمية في وضع غير مستقر حتى نهايتها على يد صلاح الدين الايوبي  سنة 1171 ميلادي، شخصية أخرى قدم الحشاشون على اغتيال الكونت ريموند الثاني من طرابلس والذي كان الضحية الافرنجي الأول وايضا اغتالوا كونراد دي مونفيراتو (كونراد الأول، ملك القدس) حاكم بيت المقدس.
تحت تأثير الإرهاب استطاعوا ان يصبحوا قوة معروفة حول العالم وقد وجدوا في صلاح الدين الايوبي قوة إقليمية تأثر عليهم لذا حاولوا اغتياله (مرتين)، الأولى: ديسمبر 1174مـ بينما كان يحاصر حلب. حيث تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر صلاح الدين وقتل الأمير أبو قبيس وتلا ذاك عراك قتل فيه عدد كبير من الناس ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب بأذى، الثانية: في مايو 1176 ميلادي عندما كان صلاح الدين يحاصر عزز حيث تمكن بعض الحشاشين المتنكرين بزي جنود جيش صلاح الدين من التسلل لمعسكره ومهاجمته. ووتمكنوا من قتل العديد من الأمراء ولكن صلاح الدين نفسه لم يصب سوى بجروح بسيطة بفضل الدروع التي كان يرتيدها. وقد اتخذ صلاح الدين بعد هذه الأحداث احتياطات واسعة للحفاظ على حياته، فكان ينام في برج خشبي أقيم خصيصا له ولم يكن يسمح لاحد لا يعرفه شخصيا بالاقتراب منه.
وفي أغسطس 1176م تقدم صلاح الدين في اراضي الحشاشين تحدوه الرغبة في الانتقام وضرب حصار حول مصيف -كبرى قلاع الحشاشين- ولكنه لم يلبث ان فك الحصار وانصرف وذلك بعد وساطة أمير حماة خال صلاح الدين الذي ناشده جيرانه الحشاشون التدخل لصالحهم.

الحشاشون هل لهم وجود اليوم؟
سبق وذكرنا ان الحشاشون آل أمرهم  الى ركن الدين خورشاه ابن محمد الثالث (1255-1256) حيث دخلوا نفق شديد هو نفق الشتات حيث تشتتوا في كل مكان حتى في سوريا وغياب القيادة المركزية حيث آل امره الى الستر الى ان ظهر  احد الائمة من اصل النزار في منطقة انجدان في ايران، ثم آلت الامامة الى الائمة الآغاخانية الذي بدأ ظهورهم في فارس مع الامام حسن علي آغا خان الاول،وبعد خلافة النظام الابياني القاجاري منتصف القرن التاسع عشر تنقل اللا افغانستان والسند (باكستان) الى ان استقر في الهند في بومباي، وتوالت الامامة في النسل الآغاخاني الى ان وصلت آغا خان الثالث سلطان محمدشاه  حيث درس في كلية إتون وفي جامعة كامبردج، ابن أغا علي شاه (مات 1957) تولى منصب رئاسة عصبة الأمم نفسها بين العامين (1937-1938) واليوم وصلنا الى الامام رقم (49) شاه كريم الحسيني أغاخان الرابع، حفيد سلطان محمدشاه (وهو الإمام الحاضر) وهو على علاقات دولية قوية وهو صديق مقرب من الملكة اليزابيث، تخرّج من جامعة هارفارد عام 1959 وحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ الإسلامي ويتقن اللغة العربية والإنكليزية والفرنسية يقيم بفرنسا ولديه الجنسية البريطانية وأيضا لديه جنسية كندية فخرية وقد تولى الامامة "الأغاخانية" اي باللغة الايرانية سادة السادات حيث ظهروا في فارس بعدها توجهوا الى باكستان  وبعدها الى الهند واستقروا فيها. وحاليا يؤمن الامام الـ49 بالتعليم العلماني والانفتاح وهو رئيس شبكة الأغا خان للتنمية  AKDN، التي تعمل في عدد كبير من البلاد حيث انها اقامت مشاريع في مصر مثل حديقة الأزهر و في سوريا و عدد كبير من الدول، وتشمل مقتنياته الخاصّة الواسعة، الفنادقَ وشركاتَ الطيران والصحف. ومن خلال منظماته مثل “مؤسسة أغا خان”، و وكالاتُ الإغاثة التي تموّلها الإمامة يُقدم خدماتٍ تعليميةٍ وصحية وسكنية في جنوب آسيا وشرق إفريقيا ومن الاعمال التي يقوم بها العمل على القضاء على الفقرِ العالميّ، والترويجِ والتنفيذ للتعدديّة العلمانية، والنهوض بوضع المرأة، وتكريمِ الفنّ والهندسة الإسلامية. تقدر ثروته 800 مليون دولار  كما تم تكريمه من قبل 26 دولة ومنهم البحرين والمغرب كدول عربية وحاليا يقدر عدد الإسماعيلية في العالم بــ 12 مليون نسمة يتوزعون في الهند، وباكستان، واليمن ونواحيها، وسوريا، ولبنان، وأفغانستان، وأفريقية، وإيران واليوم الإسماعيلية على قسمين: إسماعيلية شرقية، ويسمّون بـ(النبأية)، والآن يسمّون بـ(الآغاخانية)، وإسماعيلية غربية، ويسمّون بـ(المستعلية)، أو البهرة.
  
العقيدة:
الباطنية:
يصفون بالباطنية حيث يعتقدون ان للشريعة باطنا وهو اهم جانب في الشريعة وظاهراً وان الاهتمام لابد ان يكون بباطن الشريعة وأمّا ظاهر الشريعة فلا يتقيّدون به.
التوحيد:
أبو حامد الغزالي (1058م - 1111م) يصفهم بالملاحدة لأسباب سياسية وارضاء للخليفة المستظهر بالله والذي طلب من الغزالي أن يحارب الباطنية في أفكارهم، فألّف الغزالي في الردّ عليهم كتب "فضائح الباطنية وفضائل المستنصرية" و"حجّة الحق" و"قواصم الباطنية"، بينما الوقائع تقول  انهم من المتشددين في مسالة التوحيد.
الامامة:
هناك درجات للإمامة عندهم خمسة، وهي:
1- الإمام المقيم: الذي يقيم الرسول الناطق، وهي أعلى مراتب الإمامة عندهم وأرفعها، وأكثرها دقّة وسرّية
2- الإمام الأساس: الذي يرافق الناطق في كافّة مراحل حياته ويكون ساعده الأيمن وأمين سرّه
3- الإمام المتم: الذي يتمّ أداء الرسالة في نهاية الدور، وأنّ قوّته تكون معادلة لقوّة الأئمّة الستّة الذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم، ويطلق عليه اسم: ناطق الدور.
4- الإمام المستقر: الذي له صلاحية توريث الإمامة لولده.
5- الإمام المستودع: الذي يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف والأدوار الاستثنائية، وهو الذي يقوم بمهماتها نيابة عن الإمام المستقر بنفس الصلاحيات.
الرقم 7 له خصوصية:
يعتقدون بالنطقاء الستّة، وأنّ كلّ ناطق رسول يتلوه أئمّة "سبعة"، وآخر أئمّتهم إسماعيل متمّ للدور، ويأتي بعده رسولٌ ناطق وناسخ للشريعة السابقة.

لماذا أطلق عليهم الحشاشين؟
يجب ان نعرف ان قصة الحشيش جاءت بعد الاسم، الاسم أوجد القصة وليس العكس
ولدينا مصادر تاريخها 1123 تصفهم assassin وتعني باللغة الإنجليزية قاتل محترف وهو الذي يغتال غيلة. ثم تطور المصطلح فقام اسقف عكا واسمه " ويليام" وهو اروبي يصفهم الى ان يصل ونحن نطلق عليهم الحشاشين ولكن نحن لا نعلم مصدر هذه الكلمة
الى ان وصلت الى المستشرق الفرنسي سِلفستر دي ساسي في القرن التاسع عشر وذكر ان أقدم ذكر لمصطلح " حشاش " كان في بلاد الشام ويعود إلى عام 1122م وذلك عندما استخدمه الخليفة الفاطمي الأمر باحكام الله في رسالته الشهيرة الى اسماعيلية سوريا التي يطعن فيها بإمامة نزار المصطفى ويصف الفئة المنشقة عن الدولة الفاطمية ممن بايعوا نزار بدلاً من مستعلي بالحشاشين دون اي مقدمات تذكر فيرى سيلفستر ان هذا الاستخدام كان استخداما مجازياً كنوع من الشتيمة وليس له اي هدف عقائدي إنما بهدف وصفهم كمنبوذين أو رعاع.

إذا من اين أتت كلمة الحشاشين؟
إذا أردنا ان نعرف سر التسمية لابد ان نعرف من الذي اطلق عليهم هذا الاسم أخوتهم في المذهب واعدائهم وهم الفاطميين الإسماعيلية المستعلية في اطار الحرب الإعلامية بين الجانبين من خلال الرسائل فمن ذلك أن الخليفة الفاطمي (الآمر بأحكام الله) أصدر رسالة باسم (الهداية الآمرية في إبطال الدعوى النزارية)، فرد عليه النزاريون، فرد الفاطميون على الرد برسالة جاء فيها:
" ولما وصلت إلى دمشق ووقف عليها نفر من جماعة الحشيشية فلت عزمهم وكدرت شربهم... " إلى آخر ما جاء في الرسالة. بدون تفسير لكملة الحشيشية
رد النزاريون على هذا الرد، فرد الفاطميون برسالة أوردوا فيها وصفهم للنزاريين بالحشيشية مرة ثانية، إذ جاء فيها: " وقد وقفت يا أبناء الدعوة على ما سطرتموه في كتابكم من جواب الحشيشية - هداها الله وأصلحها - عما تضمنته الهداية... ".
ويرى الدكتور جمال الدين الشيال صاحب كتاب (مجموعة الوثائق الفاطمية) فيما جاء في هذه الرسالة أن الفاطميون هم الذين بدؤوا بنعت الإسماعيلية النزارية بهذا الوصف، وأن هذه الوثيقة صدرت في عهد الخليفة الآمر أي بعد نشوب النزاع بين المستعلي ونزار بنحو عشرين سنة.
ويفسر الدكتور الشيال إطلاق هذا الوصف على النزاريين بأنه كان للتشهير بهم بمعنى أنهم في قولهم بإمامة نزار إنما كانوا يخرفون كما كان يخرف الحشيشية، أي أن الفاطميين لم يتهموهم باستعمال الحشيش. بل وصفوهم بأوصاف مستعمليه بما يطرأ على عقولهم من التخريف. وبما ان النزاريون لم يردوا على وصفهم بالحشيشية، بل مروا به مرور الكرام، وهذا يدل على أنهم لم يفهموا منه اتهامهم بتعاطي الحشيش، بل فهموا منه ما استنتجه الدكتور الشيال:" أنهم إنما كانوا يخرفون كما يخرف الحشيشية ". ولو فهموه غير هذا الفهم، ولو فسروه بأنه اتهام لهم بتعاطي الحشيش لما سكتوا عن الرد على هذا الاتهام.
والمصدر الثاني هو ما كتبه الكاتب الغربي الصهيوني (بول آمير) في كتابه (سيد الموت) ويتلخص ذلك بأن الصفة التي أطلقت على النزاريين: (الحشاشون) هي في الأصل صفة: (الحشائشيون). وهي الصفة التي كانت تطلق في تلك العهود على من يتعاطون جمع الحشائش البرية التي تستعمل هي نفسها أدوية، أو تستقطر منها الأدوية، وقد كان يختص بذلك أفراد، فيهم من هم الأطباء أو الصيادلة، كان يطلق على الواحد منهم لقب: (الحشائشي) حتى لقد أصبح ذلك مهنة من المهن المشتهرة، وكان لها أسواق خاصة بها وتجار يتعاطون بيع الحشائش الطبية وشراءه.
لفظ الحشاشون جاء لنا نتيجة من الاوربيون بشكل عام وجودوا بان العمليات التي قام بها الحشاشون النزاريون انها غريبة على سبيل المثال اغتيال حاكم بيت المقدس تم على يد اثنين ادعوا انهم رهبان لمدة 3 اشهر  وكانوا يتحدثون باللغات الاروبية ويتصرفون كذلك كالأوربيون وعلى علم باللاهوت الأوربي الى ان وصلوا الى الحاكم وقتلوه، لذا وجد الأوربيون هذه المسالة حالة غريبة وعليه فلم يجدوا الا اسما غريبا يلصقونه بهم ليفسروا هذا السلوك الموجود لدى الحشاشون.

جرعة زائدة من الجنة هي التفسير الوحيد لأقدام الحشاشون على هذا الفداء والتضحية.

(اختبار بسيط) لصور وكلمات موجودة بيننا ولكن الحقيقة هي الصادمة ان اغلبها غير حقيقي:

- كلمة منسوبة  لهتلر"كان بإمكاني ان اقتل جميع يهود العالم ولكن تركت بعضا منهم لكي يعرف العالم لماذا اقتلهم" في كل خطابات هتلر وحتى في كتاب كفاحي لم ترد هذه المقولة عن هتلر  ولا يوجد أي خطاب لهتلر تنسب هذه العبارة فيه.

- صورة منسوبة لمحمد بن عبد الوهاب: ليست الصورة المشتهرة والمنسوبة لمحمد بن عبدالوهاب (1703 - 1791) حقيقة لان الكيمرا اخترعت بعد وفاة محمد بن عبدالوهاب بـــ 20 سنة تقريبا والصورة هي لشاعر اسمه محمد بن عبدالوهاب الفيحاني.

- مقولة منسوبة لغاندي " تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر" الحقيقة لا يوجد مصدر ينسب هذه المقولة لغاندي.

المراد الذي اود ان أقوله بان التاريخ يتعرض الى التزوير وجميع هذه الصور والمقولات لتاريخ حديث ومعاصر فتصورا كيف تعرض التاريخ لعمليات تحريف كبيرة، لذلك عندما اقرا يجب ان نبحث في كل المصادر وندقق فيها.

الخاتمة 
مع مقول للعلامة ابن النفيس (1210م-1288م) "وأما الأخبار التي بأيدينا الآن، فإنما نتبع فيها غالب الظن، لا العِلم المحقق"



مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين"

مراجعة لكتاب د. محمد مجتهد شبستري "نقد القراءة الرسمية للدين" أبو محمد – مراجعة كتاب – 17 مارس 2020 في البداية يجب ع...